بدأت آليات ضخمة في إزالة عقارات في حي جرول القديم في مكةالمكرمة؛ كون الحي يقع ضمن المناطق المشمولة بالتوسعة الشمالية للحرم المكي. ووسط ذلك كله يجلس رجل ثمانيني يدعى أبو الذهب، يرقب كل يوم آليات أمانة العاصمة المقدسة وهي تزيل منازل حي جرول ومن حوله أصدقاء الأمس. يبدي أبو الذهب سعادة غامرة بأعمال التوسعة التي يعتبرها طريقا واسعا للتخفيف على الحجاج والمعتمرين، لكنه يتحسر في الوقت ذاته على زوال تاريخ ظل يداوم على قراءته منذ 40 عاما. كان الحي يعج بالناس منذ أكثر من 70 عاما، لكن الغالبية من السكان خرجوا الآن إلى أحياء مكة الأخرى مثل الشرائع، النوارية، بطحاء قريش والخالدية وغيرها. ويعد الحي منطقة تاريخية بامتياز بسبب احتضانه لبئر طوى التي اغتسل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وجرول أو (طوى سابقا) وادٍ من أودية مكة، كله معمور اليوم، يسيل في سفوح جبل أذاخر والحجون من الغرب، وتفضي إليه كل من ثنية الحجون (كداء قديما) وثنية ريع الرسام (كدي) قديما. ويذهب حتى يصب في المسفلة عند قوز النكاسة (الرمضة قديما) من الجهة المقابلة. وتكثر في جرول البساتين والآبار ومن آبارها بئر دولات وبئر زبيدة. ويرى محمد أحمد، وهو من المحبين لجرول، أن الإزالة ستزيل معها علاقات اجتماعية كانت مترابطة في الحي. يعرف سكان العاصمة المقدسة جرول بأنه يحتوي على الذي لا يجدونه في غيره من أحياء مكة مثل سوق الطيور والبيض البلدي، حيث تجد الكناري والعصافير بمختلف ألوانها وأشكالها والحمام وكذلك الأرانب والبط والببغاوات. وستصبح جرول المنطقة المركزية الأولى خلال خمس سنوات بعد أن ينتهي العمل من الأنفاق التي يتم شقها، إذ سيتم تنفيذ أربعة مشاريع كبرى عبارة عن أنفاق مزدوجة؛ تبدأ من القبة إلى الفلق والطريق الدائري الأول، بينما المشروع الثاني يبدأ من الحجون ويخرج إلى الساحات الشمالية، ويبدأ الثالث من أمام حلقة جرول حتى ساحات الحرم، وسيتم تجهيز هذه الأنفاق لتسير عليها القاطرات، وسيكون النقل غير تقليدي ويكون ذلك بالتدريج حتى تستكمل هذه المنظومة، ونزع لتنفيذ هذه المشاريع 700 عقار، كما ستشهد جرول تنفيذ مشروع خاص بخدمات المسجد الحرام، وقد أقيم هذا المشروع على جبل جحيشة في جرول، حيث سيتم نقل الخدمات الخاصة بالمسجد الحرام من تبريد وخلافه عن طريق أنفاق تخترق جرول حتى تصل إلى المسجد الحرام. وستكون المنطقة المركزية المواجهة للمسجد الحرام من الناحية الشمالية. وحول ذلك أوضح ل«عكاظ» أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة البار، أن هناك محاور إشعاعية تأخذ من المسجد الحرام والطرق الرابطة سواء طريق مكةالمكرمة- جدة السريع أو طريق مكةالمكرمة- المدينةالمنورة السريع أو طريق الليث أو الطائف- السيل أو الطائف- الهدا، مؤكدا أن العمل بدأ في طريق الملك عبد العزيز (الطريق الموازي) الذي ترعاه هيئة تطوير مكة، حيث ستتم إزلة أكثر من 3700 عقار وسيكون محورا مثاليا يربط القادمين من طريق جدة- مكة السريع مباشرة بالمسجد الحرام، كما ستشرف شركة البلد الأمين على مشروع محور الحرم الذي يربط مسجد السيدة عائشة مرورا بمنطقة البيبان وصولا إلى المسجد الحرام، وهذا المحور سيطور كامل المنطقة بدءا من التنعيم وسيكون من الناحية الشمالية للمسجد الحرام. مرحلة التطوير التي يقودها أمير منطقة مكةالمكرمة لا تقتصر على تطوير الأحياء العشوائية فقط، بل تمتد لتوحد بين الأحياء من حيث الخدمات وربطها بمقومات الحياة التي تكفل لها العودة من جديد إلى واجهة الحضارة وسد الفجوة الكبيرة التي كانت تقف بين أحياء راقية تتوفر فيها مقومات الحياة الحضارية وأحياء فقيرة عشوائية تفتقر لأبسط المقومات الأساسية للعيش، فكانت مرحلة التطوير قد ركزت على ضرورة الربط بين أحياء منسية تعيش عزلة منذ سنوات طويلة وأحياء أخرى تعد من الأحياء الراقية فيما لو تم ربط أحياء مكة كافة بالمسجد الحرام؛ وفقا للخطط التطويرية الهادفة من وراء تنفيذ الطرق والمحاور الإشعاعي، حيث بدأت هيئة تطوير مكة مطلع العام الإشراف على تنفيذ مشروع (الطريق الموازي) لربط غرب مكة بالحرم، وخلال الشهر المقبل ستتولى أمانة العاصمة المقدسة ترسية مشروع طريق محور الحرم لربط شمال مكة في المنطقة المركزية، ويأتي الهدف من مشاريع طرق المحاور وإنفاق المشاة لتحقيق سهولة وصول الزوار من الحجاج والمعتمرين إلى المسجد الحرام دون مواجهة معوقات الازدحامات المرورية.