تزداد الحاجة يوما بعد يوم لإقرار نظام للنشر الإلكتروني يغطي بمواده كل ما يتم نشره عبر البوابة الإلكترونية من مواد في مقدمتها الصحف الإلكترونية والمنتديات والمدونات الشخصية. وفي الوقت الذي تزداد فيه هذه الحاجة لمثل هذا النظام تطالعنا كل يوم صحيفة إخبارية جديدة، أو صحيفة تفاعلية تنتمي لصحف قائمة، أو منتدى يخدم عائلة أو أرباب مهنة، أو ما سواها. نحن لا اعتراض لدينا على كل ذلك فهي خطوات تطويرية، وتسخير للتقنيات الحديثة، وفتح آفاق جديدة للتواصل. إذا ما الاعتراض أو التساؤل الذي يمكن أن ينجم عن ذلك؟ إنه بكل بساطة.. هل نحن جاهزون لإصدار مثل هذه القنوات الجديدة للتواصل، أم أن الفكرة والهدف هي أن نقلد ما يفعل الآخرون دون إلمام بأبجديات المهنة ومعرفة خباياها وطريقة تقديمها بصورة مثالية. خلال أسبوع واحد وصلتني أكثر من شكوى على صحيفتين إلكترونيتين مشهورتين نشرتا تعليقات للقراء تجاوزت حدود المهنة والآداب العامة، وتحدثت عن نقد وتجريح شخصي ومساس بالقيم والأخلاق. ومما زادني امتعاضا أنني عندما سألت القائمين على الصحيفتين عن أسباب ذلك كانت الإجابة بعيدة عن المهنية والحرفية وانحصرت بالاعتذار عما حصل والوعد بعدم تكراره في المستقبل. وزاد أحدهم بأنه وظف كوادر سعودية لمتابعة مثل هذه التعليقات بدلا من الأجانب الذين كانوا في السابق. ومسحت الصحيفتان على الفور التعليقات جميعها من إيجابي وسلبي؛ لإظهار روح التعاون وسرعة الاستجابة.. فهل هذا ما نريد من صحافتنا الإلكترونية؟. نريد صحافة إلكترونية تفرق بين النقد الهادف لأي قطاع وبين التجريح الشخصي والتعرض للأجناس والأمور العائلية البحتة. لا أرى ضيرا في أن يعلق قارئ منتقدا أداء جهاز معين حكومي أو خاص مبينا حجم الضرر وأبعاده على المواطن أو المقيم. ولا أرى ضررا في أن نوجه نقدا أو تعليقا على جهة لم تقم بما يجب عليها القيام به لتحقيق المصلحة العامة. الضرر كل الضرر أن تتحول صحافتنا الإلكترونية، التي تسعى للتنظيم، إلى أن تكون ساحة للانتقاص من الأشخاص أو التشهير بهم دون وعي أو إدراك. يخطئ من يعتقد أن مثل هذه الممارسات هي من باب الحرية الصحفية وتقويم الأداء وتصحيح الأخطاء. فكما أن الحرية مطلب للجميع إلا أنها يجب أن تقف عند حد ما تسمح به الأخلاقيات المهنية. الصحف الإلكترونية التي تنشد الثبات وكسب جمهور المتصفحين عليها أن تتعامل مع مهنة الصحافة والتحرير كأساس لتقديم خدمات متميزة. القائم، أو القائمون على أي صحيفة عليهم إدراك حجم المسؤولية، وهؤلاء لا يختلفون كثيرا عن رؤساء تحرير الصحف الورقية من حيث ضرورة المتابعة، والتوجيه، وتوظيف الكوادر المؤهلة، وبالتالي محاسبة المقصر. استقطاب وتوظيف الكوادر السعودية المؤهلة للعمل في صحافتنا الإلكترونية مطلب للجميع متى ما توفرت لديهم القدرات التحريرية والرقابية الكافية للعمل الصحفي وتلقوا التدريبات النظرية والعملية المناسبة لطبيعة العمل. نريد كوادر مثقفة ومؤهلة تكفل لصحافتنا الإلكترونية بداية ثابتة واثقة قادرة على العطاء؛ لتشكل رافدا مهما من روافد المعرفة الراشدة المقننة. [email protected]