في كتابه «الصحيفة الزائلة»، الذي أصدره عام 2004 توقع فيليب ماير اختفاء كل الصحف الورقية من الساحة بعد مرور 30 سنة تبدأ من لحظة إصداره لمؤلفه، المفارقة هنا أنه في الوقت الذي تعاني فيه كبريات الصحف الدولية من ديون أثقلت كاهلها وهددت الكثير منها بالاختفاء، تمر الصحافة الالكترونية بمرحلة متقدمة من النمو، يصفه بعض المتخصصين، بأنه غير مكتمل لم ينضج مهنياً بعد، ومع ذلك تنتعش هذه الصحف، متفوقة على كثير من نظيراتها الورقية، الحد الذي دفع بأحد مسؤوليها إلى التأكيد على أنهم يستعدون الآن لإطلاق قناة فضائية تحمل نفس اسم الصحيفة. تجربة صحيفتي «بلا قيود» و«سيدات القلم» الالكترونيتين، تمثلان نموذجين لما عليه الصحافة الالكترونية الوليدة، تضاف إلى رصيد عدد آخر من الصحف الالكترونية كانت وما زالت محل جدل دائر حول التزامها بشروط ومعايير المهنة. الرئيس التنفيذي ل «بلا قيود» محمد الغامدي، قال ل «الحياة»: «حرصنا في صحيفتنا على أن نصافح القارئ بثوب جديد بعيداً عن التقليدية ليتماشى مع رؤى إخراجية وتحريرية عصرية، تواكب تطوّرات العمل الصحافي بما يضمن توافر الخدمة التفاعلية كالفيديو والحوار الصوتي»، مضيفاً أن «العمل على إصدار الصحيفة جاء بعد دراسة إعلامية مستفيضة لإظهار المحتوى والمضمون بما يتطلبهما من سرعة في التصفّح، مشيراً إلى أنهم في «بلاقيود» يتطلعون دائماً نحو إضافة الجديد والمميز ليس في الشكل فقط، بل في أسلوب القالب الصحافي، مع الحرص على جعل زائر الصحيفة يتنقل بسرعة بين الأخبار المكتوبة أو تلك المصورة عن طريق الفيديو». وعن بدايات الصحيفة، يقول الغامدي: «واجهتنا صعوبات كثيرة، شأن أي مشروع جديد، لكننا كفريق عمل مؤمن بفكرة الصحيفة تجاوزناها، كما أننا نجحنا كذلك في التصدي لجميع الاختراقات من بعض من حاول إجهاض المشروع قبل انطلاقته، موضحاً أن الصحيفة تعمل الآن على تخصيص رقم جوال إخباري، يقوم بتزويد المشتركين فيه بكل الأخبار لحظة وقوعها، كما أننا قاربنا على الانتهاء من مشروع لإطلاق قناة بلا قيود الفضائية قريباً». من جهته، قال رئيس تحرير صحيفة «بلا قيود» الالكترونية عبدالله شرار ل «الحياة»: «نسعى للتواصل الدائم مع قرائنا داخل المملكة وخارجها، من خلال مراسلينا ومصادرنا، وقد نجحنا في تحقيق صدقية، وهو مطلب صعب وسط هذا الكم الهائل من الصحف والمواقع الخبرية المنتشرة بكثافة على الانترنت»، وحول شروط النشر إن وجدت في صحيفتهم، يؤكد «يهمنا في المقام الأول صدق الخبر، وابتعاده عن التجريح أو الإساءة،» مشيراً الى ان الخبر فور تلقيه من المراسل الميداني يتم تمريره لطاقم التحرير لإعداده للنشر وفق القواعد المهنية المعروفة. وحول رأيه في بعض الأخطاء المرتبطة بصياغة وإخراج الخبر وإن كان هناك مشروع قائم على تلافيها مستقبلاً، قال: «سنعمل على تلافيها في القريب العاجل». ... وأخرى نسائية نموذج آخر لصحيفة الكترونية تدار بطاقم تحرير نسائي، تتولى رئاسته الزميلة فاتن اليتيم، الحاصلة على درجة الماجستير في الإعلام الإلكتروني من جامعة الملك سعود، تقول فاتن ل «الحياة»: «ما يجعل مستقبل الصحافة الالكترونية أفضل هو أن سقف الحرية بها أعلى من سقف الحرية في نظيراتها الورقية، وقد حدث لي موقف في بداياتي مع مقال تم منعه بحجج غير مقنعة، وبعد مرور أكثر من سنة تكرر الموقف نفسه، فتأكد لدي بأن لا شيء تغير، وأن سقف الحرية ثابت كما هو والمعطيات نفسها لا تتغير». اليتيم أوضحت أن انتماءها للصحافة الالكترونية نابع من إيمانها بأن الصحافة الالكترونية هي صحافة حديثة قادرة على مخاطبة جيلها، أكثر من غيرها، مشيرة إلى أن الصحافة الالكترونية تتميز بقدرتها على التحديث، على مدار الساعة، وإمكان إضافة فيديو، ومنح القارئ مساحات من التعليقات المطولة، تتحول هذه المساحات في أحيان كثيرة إلى ساحات للنقاش، وهذا الشيء تفتقده الصحافة الورقية، حتى خاصية التعليقات التي أضافتها مواقع بعض الصحف الورقية تغلق بعد يوم أو يومين على أقصى تقدير، عوضاً عن أن بعض هذه المواقع شأنها شأن نسختها الورقية بطيئة وهادئة. ولم تخفِ اليتيم دهشتها من مهاجمة بعض الكتاب لموقع صحيفتها بحجة أنها لا تضم أسماء صحافية كبيرة، «وقد غاب عن هؤلاء أن الصغير يكبر، وأن طالب اليوم هو أستاذ الغد،» موضحة أن الصحافة الورقية هي التي تلاحق وتنافس الصحافة الالكترونية وليس العكس، «بدليل ان كثيراً من مواقع الصحف الورقية أضاف برمجيات خاصة تتيح لها إضافة لقطات فيديو، مثل الصحف الالكترونية». وحول تاريخ انطلاق صحيفة «سيدات القلم»، قالت اليتيم إن الصحيفة انطلقت قبل عام و8 أشهر بمبادرة وجهد فردي منها، تتحمل كلفته حتى الآن، مؤكدة أنها أوجدت لنفسها كإعلامية سعودية موقعاً حصلت عليه بجهدها، ولم تنتظر أن يمنحه غيرها من الإعلاميين الرجال.