جددت المملكة تأكيدها على ضرورة جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، مشددة على أن استتباب الأمن والاستقرار في أية منطقة لا يتأتى عن طريق امتلاك أسلحة الدمار الشامل، بل يمكن تحقيقه فقط عن طريق التعاون والتواصل بين الدول والسعي نحو تحقيق التنمية والتقدم وتجنب سباقات امتلاك تلك الأسلحة الرهيبة. أتى ذلك في كلمة المملكة التي ألقاها أمس رئيس وفد المملكة إلى مؤتمر مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي المنعقد في مقر منظمة الأممالمتحدة في نيويورك الوزير المفوض في وزارة الخارجية نايف بن بندر السديري أمام المؤتمر. وأوضح الوزير المفوض أن المملكة تؤكد على أن معاهدة حظر الانتشار النووي هي الركيزة الأساس لنظام منع الانتشار الذي يتطلع إليه الجميع بروح من التعاون والعدل وعلى أن مؤتمر المراجعة الحالي يشمل متابعة تنفيذ المعاهدة بالإضافة إلى مضمون القرارات التي سبق واتخذتها مؤتمرات المراجعة السابقة عامي 1995م و 2000م. وقال إن المجتمع الدولي مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بالعمل على تحقيق عالمية معاهدة حظر الانتشار من خلال بذل كل الجهود الممكنة في هذا المؤتمر للاتفاق على خطة عمل لتحقيق هدف انضمام الدول غير الأطراف إلى المعاهدة بدون شروط، ووضع منشآتها النووية تحت نظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولة للطاقة الذرية، مشيرا في ذلك السياق إلى أن عدم الضغط على إسرائيل لتنفيذ ذلك على الفور، سيؤدي إلى المزيد من التهديد لمنطقة الشرق الأوسط واستقرارها، وربما أدخلها في سباق تسلح نووي العالم في غنى عنه. وأضاف أن حكومة المملكة لازالت تؤكد على ما تضمنه تقريرها بشأن الخطوات التي ترى أنها ستعزز تحقيق جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية الذي تقدمت به في الاجتماع التحضيري المنعقد في جنيف، وصدر كوثيقة من وثائق المؤتمر، والذي جاء استجابة لما ورد في الجزء الأول من الوثيقة الختامية لمؤتمر المراجعة السادس للدول الأطراف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية لعام 2000م. وقال إن المملكة تؤكد مرة تلو الأخرى ضرورة جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية. وهو الأمر الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ العام 1974م وحتى الآن، والذي أصبح يعتمد بتوافق الآراء منذ الدورة الخامسة والثلاثون للجمعية عام 1980م. وأضاف أن استتباب الأمن والاستقرار في أية منطقة لا يمكن له أن يتحقق عن طريق امتلاك أسلحة الدمار الشامل، لذا فإن حيازة إسرائيل للأسلحة النووية يعد عقبة أساسية أمام تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط خاصة، كما أن كل ما تطرحه من تبريرات في سبيل امتلاكها وتطويرها لأسلحة الدمار الشامل، وعلى وجه الخصوص الأسلحة النووية، يعد تناقضا واضحا وصريحا مع كل ما تدعيه من رغبة في إحلال السلام مع شعوب ودول المنطقة. وأردف الوزير المفوض، ولذلك فإننا نتطلع من هذا المؤتمر أن يطلب من المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية متابعة تنفيذ قرار القدرات النووية الإسرائيلية الصادر في سبتمبر الماضي، وتقديم تقارير مرحلية لما تم تنفيذه إلى مجلس محافظي الوكالة، على أن يتزامن ذلك مع قيام الوكالة بخفض مستوى البرامج التقنية التي تقدم إلى إسرائيل في الميدان النووي إلى حين انضمامها إلى معاهدة عدم الانتشار النووي. وأفاد أن المملكة، وفي سبيل تحقيق السلم والاستقرار الدوليين، أثبتت في كل مرة تفاعلها السريع بموجب التزاماتها بمعاهدة عدم الانتشار النووي، إذ قدمت تقريرها إلى لجنة مجلس الأمن المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن 1540 الخاص بانتشار أسلحة الدمار الشامل، كما أنها تعتزم أيضا إقامة ورشة إقليمية لتفعيل القرار بالتعاون مع لجنة مجلس الأمن المختصة في الأممالمتحدة. وأشار إلى أن المملكة وفي إطار استجابتها السريعة لمتطلبات القرار، صادقت كذلك أخيرا على اتفاق الضمانات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مع تأكيدها على الحق الأصيل لجميع الدول الأطراف في المعاهدة في امتلاك وتطوير التقنية النووية للأغراض السلمية، ورفضها لأية محاولة لإعادة تفسير أية مادة من مواد المعاهدة تقيد ذلك الحق. ومضى يقول إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ووفقا لذلك أصدر قرارا بإنشاء مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة في المملكة للإشراف على الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، نص في مادته الرابعة على أن تكون المدينة هي الجهة المعنية بالإيفاء بالالتزامات الوطنية حيال جميع الاتفاقات التي وقعتها أو ستوقعها المملكة بخصوص الطاقة الذرية والمتجددة. وتتولى الإشراف والرقابة على جميع الأعمال الخاصة باستخدامات الطاقة الذرية وما ينتج عنها من نفايات مشعة. وتطرق رئيس وفد المملكة إلى المؤتمر لموضوع الملف النووي الإيراني، قائلا إن حكومة المملكة تتابع بقلق المفاوضات المتعثرة الجارية بين مجموعة 5+1 وإيران حول برنامجها النووي، موضحا أنه من الأهمية بمكان تشجيع الجانب الإيراني على مواصلة التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في سبيل جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، وهو الأمر الذي لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق التعاون والشفافية. وزاد أن حكومة المملكة تأمل في أن تواصل إيران تعاونها البناء والسير قدما في هذا الاتجاه مما يشكل خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة التي هي جزء مهم من منظومة الأمن والاستقرار الدوليين. وأكد أن المملكة تنتهز هذه الفرصة كذلك، للإشادة بنجاح قمة الأمن النووي التي عقدت في واشنطن وتؤيد بيانها الختامي وخطة عملها. وجدد السديري في ختام الكلمة، تأكيد حكومة المملكة على أن التخلص من الأسلحة النووية يشكل الضمان الأكيد في مواجهة استخدامها أو التهديد باستخدامها، مشيرا إلى أنها ترى أن تؤخذ مخاوف العديد من الدول التي لا تمتلك أسلحة نووية على محمل الجد، في ظل عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والمخاطر المتعاظمة جراء الأحداث الأخيرة في المنطقة، من خلال إعداد وثيقة دولية ملزمة تضمن سلامة واستقرار تلك الدول، كما تضمن تنفيذ كامل الالتزامات بما في ذلك التزام الدول النووية بإزالة كامل أسلحتها النووية بموجب أحكام المادة السادسة من معاهدة حظر الانتشار النووي، وتنفيذا للخطوات الثلاث عشرة التي صدرت في الوثيقة الختامية لمؤتمر الاستعراض للعام 2000م.