لم تخل جلسة «تداعيات العنف في الخطاب الفكري» في ختام ملتقى تبوك الثقافي من صراع فكري تعدى حدود النقاش إلى تبادل التهم والمناصحة. شرارة الصدام في الجلسة التي شارك فيها كل من: الدكتور عبد الله المعيقل، الدكتور زيد بن علي الفضيل، الدكتور أسامة البحيري، الشاعرة هدى الدغفق، بدأت من ورقة المعيقل «العنف في الخطاب الثقافي وتجلياته في الإعلام المحلي»، حيث استحضر ردودا لبعض المتشددين على حد وصفه تناولوا فيها قصائد لبعض الشعراء، وقال المعيقل: «جاءت تلك الردود قاسية تكفر أصحابها وتدعو للقتل»، معتبرا أن هذا خطاب ثقافي سائد تفرع منه خطابات أخرى تشير إلى منطلق عنصري أو قبلي، واستشهد بقصائد «لميسيات» للشاعر عبد الحكيم العوفي وقصيدتين للشاعرة ريمية. هنا تداخل القاضي في المحكمة الجزئية في تبوك أديب الدبيخي، معتبرا «أن الملتقى دعوة صريحة للحداثة»، وقال: «إن ورقة الدكتور عبدالله المعيقل تخالف الشرع». وتوالت المداخلات الهجومية، حيث وجه هاجد العمار أحد الحضور تساؤلا لرئيس نادي تبوك الأدبي الدكتور مسعد العطوي، مستغربا «دعوة المتأثرين بالفكر الغربي، الذين قدموا أوراقا تصم الآذان وتنشر الفساد». ووصف أحد الحضور ورقة الدكتور زيد الفضيل بأنها اتهام لأهل العلم وادعاء غير مقبول. وكان الفضيل في ورقته قد رأى «أن العنف في واقعه ظاهرة اجتماعية، يمكن تفسيرها من معرفة أبعاد مكنونات الإنسان النفسية، الذي تتنازعه رغبات جامحة للسيطرة وإثبات الوجود، وتتملكه غريزة الأنا الذاتية، ليعمل على تسويغها بعدئذ بمختلف الصور، وينتهي به الأمر إلى أن يتمترس خلف عديد من التبريرات الدينية والسياسية والاقتصادية، وفي هذه الحالة فلا فرق جوهريا بين عنف الأفراد وعنف المؤسسات والجماعات، سواء أكان ذلك في الجانب الرسمي أو خارجه». وتناولت الشاعرة هدى الدغفق في الجلسة «واقع المرأة المثقفة في المؤسسات الثقافية»، وعلق الدكتور يوسف العارف على ورقة الدغفق قائلا: «سوف نندم على تحرر المرأة». أما الدكتور أسامة البحيري فأورد في ورقته، بعض النماذج من خطاب الأنثى في التراث العربي. الدكتورالمعيقل قال ل «عكاظ» بعد الجلسة: «إن المتداخلين الذين شنوا الهجوم عليه في الجلسة لا يفقهون ما تحدث عنه»، وزاد «إن المداخلات جاءت بعيدة عن مضامين أوراق العمل التي طرحت في الجلسة»، مضيفا «بعض الحضور فهموا أنني أدعو إلى السفور وهذا غير صحيح، ولم أذكر أية كلمة بهذا الخصوص». وأفاد الفضيل «أن بعض الذين تحلقوا حوله بعد الجلسة قالوا: إنهم يتابعون كل ما يكتبه، وطلبوا منه مخافة الله، معتبرا أن هذا التصرف يدل على أن هؤلاء على حد تعبيره أتوا لتصفية حساباتهم، وأضاف «الدليل أنهم أثناء مداخلتهم لم يتداخلوا في مضامين ما طرح، بل ذهبوا إلى أمور أخرى ويحسبون أنهم ما زالوا يتحدثون في مضامين ما طرح وكذلك اجتماعهم بي ومناقشتهم لأمور كتبتها في وقت سابق، يدل على وجود شيء في قلوبهم ضدي». وشرح رئيس النادي الدكتور مسعد العطوي ل «عكاظ» ما حدث قائلا: «هؤلاء أتوا لحضور الملتقى، وبدأوا في المداخلات وهذا من حقهم، كحضور ومشاركين ولكنهم احتجوا على ضيق الوقت، وأفهموا أن الوقت المسموح لهم انتهى أسوة بغيرهم من الحضور من الأدباء والمثقفات والمثقفين وأن ليس لأحد حق دون آخر فالجميع سواسية». من جهة أخرى، أبدى عدد من المثقفات المشاركات في الملتقى استغرابهن ودهشتهن من حضور البعض أثناء خروجهن من القاعة النسائية، لمطالبتهن بالاستتار وتغطية وجوههن.