«عاشر السبع ولو أكلك، ولا تعاشر النذل لو حملك»، هذه هي الرسالة التي فضل جميل السهلي أن يضعها أمام عيني من يسير خلف مركبته «القلاب»، وكانت عصارة تجارب فرضت عليه توريثها إلى عامة الناس بعد عمر تجاوز الخمسين عاما. يقول «لم أكن أتوقع أنه سيأتي اليوم الذي أمتلك فيه عربة نقل عامة أجوب بها شوارع محافظة جدة بعد أن كنت في حال ميسورة، ولكن هناك من استغل طيبتي وأرجعني خطوات إلى الوراء، وكانت هذه العبارة هي الوصفة السحرية التي عملت بها بعد أن تعرضت لهذا الموقف، وأردت أن تكون شعارا لي ويعرفها جميع الناس». وبين الحكم والأمثال والعبارات الدينية والفكاهية، تتنوع الكتابة على المركبات، خصوصا مركبات النقل العام. وهذه الكتابات ليست وليدة اللحظة فهي قديمة جدا ولكنها تتغير بتغير الظروف والثقافات، فيما يرى مراقبون نفسيون ارتباط الظاهرة بشخصية قائد المركبة كونها تعكس أفكاره ومرئياته وتعبر عن تجاربه ونفسيته. واختار فهد الزهراني عبارة «عين الحسود فيها عود» بعد أن زخرفها وطبعها ووضعها على شاحنته من الخلف، فهو يعتقد أن العين والحسد أمر يقع في أي مكان وزمان، لذلك عمد إلى استخدام هذه التعويذة. ولم يكتف بذلك لكنه طبع على الجانب الآخر من التعويذه عبارة «ما شاء الله تبارك الله». ويشير الزهراني إلى أنه خسر ثلاث شاحنات في حوادث سير متعددة في طرقات المملكة السريعة دون وجود سبب حقيقي يبرر حوادثه، مؤكدا أن الحسد وراء الحوادث التي كانت في أوقات متقاربة. وللأدب كذلك نصيب من كتابته على الشاحنات، فلم يرض أحمد شاقي على حد قوله أن يقود مركبة نقل عامة يتجول بها على الطرق السريعة إلا بعد كتابة بيت شعر يشعره بالارتياح ويعبر عن مزاجيته «رب خلقت الجمال وقلت اتقوا *** فكيف نرى الجمال ولا نعشق». يقول «رأيت هذا البيت مكتوبا على شاحنة حينما كنت أقود شاحنة تعود ملكيتها لإحدى الشركات على طريق الساحل الجنوبي، ومن شدة إعجابي به مكثت أسير خلف الشاحنة حتى وصلنا إلى مفترق طرق، ولاحقا قررت أن أكتبه على شاحنتي الخاصة». ولا تخلو هذه الكتابات من الحس الفكاهي لدى البعض، فعبارات مثل «مشوار وانكتب» و«يا حاسدين غرامنا» وعبارات أخرى ارتبطت بالعاطفة مثل «وحشتني وانت حياتي»، وغيرها من العبارات كانت وما زالت تمثل مزاجية وحرية في الطرح دون وجود ما يمنع تلك التشوهات البصرية في أغلب الأحيان. يذكر أن العبارات التي تدعو إلى التحلل الخلقي وتوضع على السيارات، مممنوعة بحسب نص النظام، ويؤخذ التعهد على الخطاطين بعدم كتابة مثل هذه العبارات، وذلك حسب ما ورد في خطاب وكيل وزارة الداخلية الموجه للأمن العام.