قاد نسيان طاهر الشرماني لهاتفه المحمول في غرفته التي يقطنها في عمارة ملاصقة للعمارة المنهارة في حي الصحيفة (جنوبي جدة)، إلى إنقاذه ست سيدات احتجزهن الركام في شقتهن؛ فالمقيم اليماني كان يهم بالخروج من مسكنه، لكن عاد أدراجه من أجل أخذ هاتفه، وكان سقوط العمارة المجاورة أسرع من خطواته فتحولت غرفته الصغيرة إلى ظلام دامس وغبار كثيف. بقي للحظات لا يدري ما يفعل، لكن أصوات استغاثة صدرت من شقة جاره الصومالي دفعته إلى التيقن بأن كارثة حلت بهن، فأسرع نحوهن عبر ساتر خشبي يفصله عنهن كسره بقدمه وصعد نحو المحتجزات. يقول طاهر الشرماني «كنت خارجا من منزلي في الشقة الأرضية في العمارة الملاصقة للمبنى المنهار وعند وصولي إلى الباب عدت باحثا عن جوالي، وخلال ثوانٍ، عمت ظلمة الغبار أرجاء المكان، وبصعوبة تمكنت من الوصول إلى الباب في محاولة للخروج من المنزل ومعرفة سر الغبار، بيد أنني لم أتمكن من فتح الباب الذي أغلقته أنقاض العمارة المنهارة وأصبحت محبوسا داخل شقتي بشكل تام. وفي هذه اللحظات سمعت أصوات استغاثة جاراتي في الدور العلوي يفصلني عنهن حاجز خشبي تمكنت من تحطيمه ووصلت إلى النساء». ويستطرد الشرماني «على الفور، أخذتهن إلى بيت الدرج في خطوة احترازية للحماية من خطر الانهيار إلى أن هدأت الأوضاع، إلا من حالة هستيرية انتابت إحداهن خوفا على شقيقتها التي غادرت المنزل قبل دقائق من انهيار العمارة المجاورة، التي لم تهدأ إلا بعد أن أطمأنت عليها من خلال اتصالها بها عبر هاتفي الجوال، ومن ثم ركزت جهودي في البحث عن مخرج لنا جميعا إلى أن وصل رجال الدفاع المدني للموقع وانتشلونا».