حجبت جريمة مدينة كترمايا، جبل لبنان، المزدوجة الأضواء عن كل القضايا السياسية والاقتصادية في لبنان، حيث انقسم الشارع اللبناني بين متعاطف مع الضحايا والثأر الذي نفذه سكان القرية في القاتل، وفئة أخرى وجدت في الانتقام وسيلة لتفريغ الغضب والاحتقان اللذين خلفتهما الجريمة. وبين كل تلك التساؤلات، أتى التقرير الشرعي ليريح المسؤولين، مؤكدا أن فحوصات ال (DNA) جاءت مطابقة لجينات القاتل محمد مسلم (مصري الجنسية). وأثار إقدام حشد غاضب في بلدة كترمايا بالاقتصاص من مصري يشتبه بأنه قتل مسنين وحفيدتيهما، بضربه حتى الموت ومن ثم سحله والتمثيل بجثته أمام أعين رجال الشرطة، موجة استنكار في الأوساط السياسية والشارع على حد سواء. وقتل المصري محمد مسلم (38 عاما) أمس الأول بعد وصوله إلى كترمايا (25 كلم جنوب شرقي بيروت) لتمثيل وقائع الجريمة. وعمد مئات الأشخاص إلى إخراج الرجل بالقوة من سيارة الشرطة التي اقتادته إلى المكان، بحسب لقطات صورت بالفيديو وبثتها محطات التلفزيون المحلية. وبعد تجريده من ملابسه باستثناء ملابسه الداخلية وجرابيه، أعمل الحشد في الرجل طعنا وضربا حتى الموت في حضور رجال الشرطة الذين وقفوا عاجزين. وأظهرت لقطات أخرى كيف علق الحشد جثته التي كانت تنزف على عمود للكهرباء بحبل وقضيب حديدي لمدة حوالى نصف الساعة، وسط هتاف الرجال وزغاريد النساء. والتقط عدد كبير من الفضوليين مشاهد بهواتفهم المحمولة، فيما عنونت صحيفة «لوريان لوجور» التي تصدر بالفرنسية الجمعة الخبر ب «زمن الهمجية». من جهته، اعتبر وزير العدل إبراهيم نجار في حديث له أمس أن: «لا شيء في العالم يمكن أن يكون أساسا قانونيا لردة الفعل الجماعية التي انتابت المجموعة، ممن ثأروا من المتهم في مقتل أفراد أسرة «بو مرعي» في كترمايا محمد سليم مسلم»، مشيرا إلى أن الصور التي عرضت ستشوه وجه لبنان في العالم، وستحطم ما تبقى من هيبة للقضاء والقانون والأمن في لبنان، وتعطي إشارات يرفضها العقل البشري. وأكد أن الممارسات التي حدثت لا يمكن أن يقبل بها ضمير بشري، متمنيا أن لا يسود هذا الأمر السمعة غير البراقة التي يتسم بها لبنان من الناحية الأمنية. وفيما أكد وزير الداخلية زياد بارود أن فحوصات الحمض النووي (DNA ) أظهرت أن الشاب المصري هو مرتكب الجريمة، بيد أنه تساءل: ماذا لو لم يكن هو الفاعل، وماذا لو كان هناك محرض وراءه؟.