هو الداء المسكوت عنه، وهو في نفس الوقت الطريق الواسع نحو مختلف الأوجاع، إنه الخمول وجه الرفاهية القاتم. لقد أدى التقدم التقني في العصر الحديث إلى الاستغناء عن العضلات تماما والاكتفاء برؤوس الأصابع للتعامل مع مجموعة «الأزرار»، وأصبح الإنسان كائنا خاملا وإن بدا نشطا إلكترونيا تمر عليه الأيام والشهور دون حركة حقيقية ينعش بها الدورة الدموية ويقوي بها البدن ويحرق بها السعرات الحرارية المتراكمة. إن التعب الذي ينتج عن الكدح والعمل أهون بكثير من التعب الناتج عن الكسل والخمول. يحاول الموظفون مكافأة أنفسهم مقابل الإجهاد وضغوط العمل ويتجهون إلى الراحة والاسترخاء، ولكنهم يقعون في فخ الفتور والجمود والاستغراق في النوم وإهمال الحركة، وهذا ما يحدث بالضبط يومي الإجازة الأسبوعية، حيث تنقلب الأمور رأسا على عقب وترتبك الساعة البيولوجية لدرجة أن الكثيرين لا يستطيعون وصف ساعات الصباح الأولى من أيام الإجازة. إن المرأة في مجتمعنا هي المرشحة الأولى للإصابة بالخمول الفيزيائي نظرا لقيود العادات والتقاليد، ومحدودية فرص العمل، وضآلة الفرص المواتية لمزاولة النشاط الرياضي، وصعوبة السير على الأقدام لمسافات طويلة ونظرة المجتمع لذلك.. كل ذلك في كفة ودور الخادمة في البيوت في كفة أخرى عندما تقوم بمفردها بأداء المجهود البدني كاملا نيابة عن ربة البيت. الخمول الفيزيائي بات يهدد صحة البشر، ويأتي في مقدمة أسباب الوفاة على المستوى العالمي. لقد استنتج باحثون في جامعة هونج كونج أن الخمول يسبب أكثر من 20 في المائة من أسباب الوفيات للأشخاص فوق ال 35.. كما أن خطر الوفاة من أمراض القلب يرتفع إلى نسبة تصل إلى 52 في المائة عند الأشخاص الخاملين. إنها فرصة لنا جميعا ما دمنا نستطيع ذلك أن نزاول الأنشطة والتدريبات الخفيفة، ونستغني عن الوجبات الثقيلة، ونكثر من المشي في الهواء الطلق، وننحني لالتقاط الأشياء، ونصعد سلم الدرج، ونتحرك يمنة ويسرة في البيت والعمل، ونمارس هواياتنا البدنية المفضلة، ونملأ أوقاتنا بالنشاط والتفاؤل والحيوية. محمد منصور آل فاضل نجران