رغم أن حسين أبو بكر المحضار، شاعر غنائي حضرمي بديع الشعر، إلا أني ما كان لي أن أعرف شيئا عن شعره لو لم يهد إلي كتاب عنه بعنوان (المحضار بأقلام عشاقه)، وهو كتاب يحوي مجموعة من المقالات والدراسات أعدت حول شعر المحضار بمناسبة الذكرى العاشرة لوفاته. حين تقرأ شعر المحضار تلمس فيه معاني جديدة مختلفة وجميلة، وتطرب فيه لألحان موسيقية وتشكيلات إيقاعية بديعة، كما يغمرك بفيض من الروح المتفاعلة بقوة مع الحياة والناس. يقول عنه الدكتور حسن رشيد في المقدمة التي كتبها لأحد دواوينه إنه: «يستمد من المفردة الشعبية ومن مفردات الحي والحارة لوحات ثرية، لأن هذه المفردات المستلهمة من الشارع ملتصقة بذهن وقلب وذاكرة الإنسان تتساوى في هذا مفردات المحضار مع ابن لعبون والفيحاني وملا عبود الكرخي وفؤاد حداد ومئات الأسماء عبر خريطة الوطن العربي». هذا الشاعر كان حقه أن يجد من الاحتفاء به أكثر مما وجد، كغيره من الشعراء الغنائيين المبرزين أمثال كامل الشناوي وبيرم التونسي أو غيرهم من شعراء الأغاني المشهورين، لكنه ظلم فلم ينل حقه من الانتشار وبقي شعره محصورا في دائرة الحضارم وبعض متابعي الغناء الحضرمي، رغم أنه جدير بأن يعرفه كل الناس. وقد يكون هذا بسبب حاجز اللهجة الحضرمية، فهي ليست كاللهجة المصرية التي يعرفها الكثيرون ولولا أن شعر المحضار في هذا الكتاب المعد حوله، شرحت بعض مفرداته، لربما ما استطعت الاستمرار في قراءته والاستمتاع بما فيه، وهذا عيب الشعر العامي، فهو مهما بلغ به جمال الإبداع يظل محروما من سعة الانتشار بسبب عائق الفهم للغة المكتوب بها ومن ثم عدم التذوق لما فيه، فيبقى تداوله محصورا في حدود البيئة التي يمثل لهجتها. كأني بالمحضار استشعر هذه المسألة فأخذ يتساءل متشككا إن كان سيظل مذكورا لدى الناس أم أن اسمه سيمحى من الذاكرات كما امحت أسماء كثيرة غيره: ودعت قلبي مع الأحباب هل هم با يحفظونه والا ترى الناس كل من غاب عنهم ما يذكرونه! هي طبيعة الناس التي يعرفها المحضار جيدا، أن ينسوا من يغيب عن أعينهم، أو كما كان يقول عنهم المرحوم محمد حسين زيدان: (مجتمع دفان)، لكن من يترك وراءه أثرا بديعا كما فعل المحضار، لايمكن أن يغيب عن عيون الناس أو بالهم، فيظل ذكره خالدا في قلوبهم قبل ذاكرتهم. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة