سرب من الطيور المهاجرة يصطدم بمحركات طائرة الإيرباص المقلعة التابعة لخطوط يو- إس الجوية فيحيلها إلى طائرة ورقية في مهب الريح بلا حول ولا قوة!!. لكن الكابتن تشيزلي سولينبيرجير، يتحدى الحدث هو الآخر، ويصنع معجزة بمقاييس الطيران الحديث، بعد أن استطاع الهبوط بطائرته المدنية في وسط نهر... وبلا إصابات تذكر!!. وتبدأ الأحداث حين أبلغ بطلنا الهمام برج المراقبة وبعد الإقلاع مباشرة، أنه يريد الهبوط فورا بعد أن توقفت المحركات عن العمل نتيجة الاصطدام بسرب من الطيور العاقة والتي فيما يبدو أنها قررت أن تقتص أخيرا من البشر قليلي الأدب!!. وتتم العملية بنجاح ويهبط اضطراريا فوق نهر هودسون المحاذي لمدينة نيويورك، بعد أن حدد في دقائق معدودة مكان ونقطة الهبوط ونفذ بدقة... فينقذ أرواح المائة وخمسين راكبا ليكملوا رحلة العمر بعيدا عن النهاية الدرامية المتوقعة في حوادث الطائرات الشهيرة. لكن الكابتن المخضرم، ذا الثمانية والخمسين عاما، والذي قال عنه الركاب إنه لم يفقد أعصابه ولو للحظة، وأثار دهشة شهود العيان وفريق الإنقاذ بربطة عنقه التي ظلت مربوطة، وهندامه الذي بقي في كامل ترتيبه وأناقته، وجلوسه في صالة الاستقبال يحتسي القهوة في هدوء غريب، بعد أن كان آخر من غادر الطائرة المنكوبة ليتأكد بنفسه أنه لم يبق أحد... وكأنه لم يكن على موعد على العشاء مع كارثة لم تكن لتبقي منه ولا تذر... يخبرنا عن السر، ويقول وعن تلك القدرة العجيبة التي أهلته أن ينهي الموقف في دقائق معدودة... قائلا في ثقة: أخذت القرار منذ خمسة عشر عاما وأعددت نفسي منذ حينها لهذه اللحظة!!. في الوقت الذي كانت فيه دقائق الندم والحسرة على ما مضى من العمر يا ولدي، تطوف بخلد الجميع، وصوت الركاب يتعالى بالدعاء، وقد وضع من وضع رأسه بين فخذيه، ومن عانق زوجته لأول مرة بعد سنين من النفور والهجران، ومنهم من أخذ يخبط رأسه في النافذة خوفا وهلعا من ميتة سيدمى لها قلب العدو قبل الحبيب، كان هناك في مقدمة الطائرة مشهد أكثر جدية... لحظة حاسمة وقرار مصيري وتنفيذ فوري!! ورغم أن الكابتن الهمام يعمل لشركة خطوط أمريكية أعلنت إفلاسها مرتين، وتعاني ما تعاني، فإن هذا لم يمنعه أن يكون البطل!!. درس بسيط لنموذج ناجح، لقائد يطبق أبسط قوانين القيادة والإدارة الحديثة!!. أن تأخذ القرار منذ الآن وتعمل من أجله طيلة حياتك، أن نكون على قدر من الشجاعة وأن نسجل اختياراتنا بعناية من اليوم، فإن حانت اللحظة كنا على أهبة الاستعداد أن ننجز تلك السرعة في التصرف والحنكة وصلابة الجأش وعدم التردد في أخذ القرار المناسب، في هذه الحادثة، إنما كانت بسبب العمل الدؤوب والإصرار... وقبل ذلك تحمل المسؤولية... حتى لا تغرق طائرة أحلامنا... حتى نحلق فوق 30 ألف قدم بلا خوف من المجهول، يجب أن نكسر إسطوانة الضحية المحببة لنفوسنا والتي تملأ عقولنا العربية!! لا يهم... أين أنت الآن... المهم أن تصنع من ذاتك جنديا مدججا بالسلاح... ليس المهم العوائق... الأهم أن تحدد من الآن، من تريد أن تكون، وأن تعمل لحلمك بإخلاص!!. دمتم ودامت أوطاننا بخير،،،