صدق «آرسين فينغر»: (إنه لاعب بلاستيشن)، وقد كان يتحدث عن «ميسي» الأرجنتيني، القصير، المكير، القادر على هز الشباك، حتى لو أعيدت قياسات المرمى، وغدا بحجم ثقب إبرة، والمراوغ العجيب، حتى كاد بإمكانه خداع الكاميرا لحظة استعادة المشهد بالتصوير البطيء، كان «فينغر» يتحدث عن «ميسي» بعد أن أذاقه الأخير علقم الخروج من البطولة الأوروبية، مسجلا في مرمى «الأرسنال» أربعة أهداف، لا تعرف أيها أقسى على «فينغر»، وأيها أحلى ل «غارديولا»، مدرب برشلونة، الذي علق على تصريح «فينغر» بتأكيد ساخر: (أن يتم وصفه بلاعب بلاي ستيشن، أمر واقعي، لكن لا أعلم في أي مرحلة من اللعبة يمكن تصنيفه)، والأكيد أن «ميسي» اليوم هو أفضل لاعب كرة قدم في العالم، وأن هذا هو موسمه الأعلى شأنا، وكل المدائح واجبة، وكل الإشادات مستحقة، ومن حسن الحظ أن الفتى الأقصر، الأشقر، الأخطر، لا يلتفت كثيرا، كما هو واضح، لقصائد الشعر المكتوبة فيه، وإلا كيف أمكن البقاء له متواضعا، وحييا إلى هذا الحد، خاصة أن البعض شطح قليلا، وفضله على «مارادونا»، وهي مسألة يمكن لها الحدوث، لكن في سنوات مقبلة، عليه فيها أن يرفع كأس العالم مرة واحدة على الأقل، وأظنه سيفعل ومع «مارادونا» بالذات، فأنا لا أكاد أصدق أن خلافا حقيقيا يحدث بين عبقريتين، لكنه حتى الآن ليس «مارادونا»، والذين يقارنون بين هدفه الخرافي في «خيتافي»، وبين هدف «مارادونا» الثاني في المرمى الإنجليزي، حيث نجح كلاهما في مراوغة نصف الفريق الآخر، قبل التسجيل، يتناسون من هو الفريق الآخر، وما هي البطولة، وحكاية جزيرة اسمها «فوكلاند»، بعيدا عن هذا، وقريبا منه، أريد القول: إن كرة القدم، ومنذ أن فقدت «زين الدين زيدان» فقدت شيئا لا يمكن تعويضه، لأن «زيزو» قد أحضر لكرة القدم شيئا لم يكن موجودا أصلا، شيئا ليس من مفرداتها السابقة، ولا اللاحقة، شيئا يجيز لآنيشتاين في قبره أن يحك لحيته، لمخالفة جسد زيدان في تعامله مع الكرة، لكل قوانين الفيزياء، كل عباقرة كرة القدم بما فيهم «ميسي»، وعلى رأسهم «مارادونا» يشعرونك بصعوبة كرة القدم، ومنفردا يشعرك «زيدان» بسهولتها العجيبة، كل النوابغ يتصرفون وكأنهم جنود بواسل، وأبطال شجعان في ساحة معركة، ومنفردا يتصرف وكأنه عاشق ولهان ومتيم يكتب قصائد شعر، ويغنيها أمام شباك معشوقته، كلهم يمكن إدراجهم تحت صيغ تفضيل، فهذا سيئ، وهذا عادي، وهذا جيد، وهذا ممتاز، وهذا الأفضل، باستثناء «زين الدين زيدان»، إنه المختلف، والمغاير تماما كما تقارن بين الأصوات الغنائية، ثم تعزل «فيروز» في مكان آخر، ولغة أخرى، ومرة كتبت الفرق بين «مارادونا» و«زيدان» أن عبقرية « «مارادونا» تحتاج إلى المعرفة، بينما عبقرية «زيدان» تحتاج إلى فهم.