الذين يظنون أن «إيناس الدغيدي» وقحة وقليلة الحياء، سوف يغيرون رأيهم إن هم قارنوها بالكاتب الصحافي «أنيس الدغيدي»، والفرق شاسع بين الاسمين، رغم تشابه الحروف، فقد تكون «إيناس الدغيدي» قليلة الحياء، لكنها تظل، وهذا رأي شخصي جدا، مخرجة سينمائية، ذات حضور وفعالية وخصوصية وتمكن تام من أدواتها، ومهما كان لنا من تحفظات على طرحها السينمائي، ومفرداتها المهنية، ومنهجها، إلا أن هذا لا يمنع من الشهادة لها بالتميز في مجالها، وقدراتها الإبداعية فيه، فمنذ أول أفلامها «امرأة واحدة لا تكفي»، وحتى آخر فيلم شاهدته لها «تيجي نرقص»، أثبتت مهارة في قيادة حركة الممثل، وفي ضبط السيناريو، الذي لا ينفلت من بين يديها، وحافظت على أسلوب سينمائي متطور وقادر على إيصال ما يريد قوله وإيصاله، وهي لا تتوارى خلف نموذج أخلاقي تتحدث به، وتطرح نقيضه، والفرق بينها وبين أخينا «أنيس الدغيدي»، هو أن «إيناس الدغيدي» مستفزة، بينما «أنيس الدغيدي» مقزز، كاتب، صحافي، توزع كتبه نسخا كثيرة، لا تستحق الحسد عليها، لرداءتها، وتهافتها، وزيفها، والكذب الواضح فيها، يتصيد في المياه العكرة، فيشتم السعودية في كتاب، مستغلا الغضب الجماهيري المصري على خسارة مباراة أمام المنتخب السعودي، ويخط كتابا يزعم فيه أن من تم إعدامه ليس صدام حسين، ولكنه شبيهه، وكتابا آخر عن أوباما، المسلم الذي أنكر دينه واسمه، ومعه يمكن لك توقع كل ما هو غير متوقع، فتنظيم القاعدة بريء من تفجير البرجين، وآخر من يمكن اتهامه بقتل «سوزان تميم» هو «السكري»، وإن لم يثبت لك أن الأميرة «ديانا» لا زالت على قيد الحياة، وتنعم بالسعادة مع «دودي»، فإنه حتما قادر على تأليف كتاب، يؤكد لك أن الصورة التي على غلافه هي صورة ابن الأميرة «ديانا» و «دودي الفايد»، وأنه يحتفظ بالطفل في مكان خاص، بعد أن التقطه من السيارة لحظة الحادث، ليتعهد بتربيته، ولكنه لا يقدر على إبلاغ أحد بمكانه، خوفا على الولد من الاغتيال، والمصيبة أن القارئ العربي يحب مثل هذا الزيف، ويشعر بألفة عجيبة معه تجعل من شخصية أدبية تافهة، مثل «أنيس الدغيدي»، كاتبا ناجحا، توزع كتبه بأرقام كبيرة، لكن هذه الأرقام ليست بالطبع السبب في إعلانه نية ترشيحه لرئاسة مصر في الانتخابات المقبلة، مثل هذا الإعلان ليس أكثر من فرقعة إضافية لشخصية شحيحة الأدب، لكنها تفتح لنا المجال لمناقشة أمرين مهمين، فيما يخص الكتاب العربي، هما: أرقام التوزيع، والجوائز، فمن مصائب الكتاب العربي، أن أمرين مهمين يعتبر كل منهما مؤشرا لازما لأهمية الكاتب، والكتاب، كلا الأمرين يعانيان من تشويه، وتشويش، وكثير من الزيف، والانحناء لمعطيات ليس فيها ما يمت إلى الأدب بصلة، فكثير من الجوائز تمنح لأسباب تشجيعية، أو سياسية، أو إعلامية، أو تبعا للميول الفكرية السابقة للعمل الأدبي نفسه، فضلا عن تدخل العلاقات الخاصة، والمودة الشخصية، وأن العديد من هذه الجوائز تسبقها وصمة عار، وإهانة، تتمثل في ضرورة تقدم الكاتب المبدع لهذه الجائزة، ولا أظن أن في ذلك تكريما، أو (تحشيما) للإبداع، والمبدعين، فالجوائز الكريمة هي التي تذهب إلى مستحقها، وليست تلك التي يرشح لها المبدع نفسه، ويذهب إليها، بالرغم من كل هذا يظل أمر منح الجوائز أقل ضررا، وأشد حياء من حكاية أرقام التوزيع، التي صار يمكن لك الثقة، ويا للأسف برداءة الكتاب، إن تأكد لك حصوله على أرقام توزيع عالية، ورحم الله «إيناس الدغيدي» عند «أنيس الدغيدي»!.