أبلغ «عكاظ» المشرف على كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري الدكتور خالد الدريس أنه سيتم الانتهاء من صياغة الاستراتيجية الوطنية للأمن الفكري قبل نهاية العام الجاري، مؤكدا أنها في مرحلة المراجعة النهائية، وسيتم استطلاع آراء قادة الرأي والفكر في حلقات نقاشية في مختلف مناطق المملكة، ومن ثم إرسالها للتحكيم قبل تسليمها لجهة الاختصاص. وأضاف في حديث ل«عكاظ» أن الاستراتيجية التي يوليها صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية أهمية كبيرة، وتنطلق من رؤية وطنية شاملة تستهدف ترسيخ الانتماء الوطني، وتعزز قيم المجتمع ومبادئه السليمة، وتقوي أواصر التلاحم وروابط الائتلاف بين أبناء الوطن، بعيدا عن الفتنة وممارسة الاحتراب الفكري، والتصنيفات المؤدية إلى زرع بذور الشقاق والانقسام. وذكر أن «الاستراتيجية تتكامل مع خطط التنمية الوطنية التي تعتبر الإنسان أساس التنمية وركنها المتين، وتتوافق توجهاتها مع الأهداف العامة والأسس الاستراتيجية للخطط التنموية الوطنية». وذكر أن ملفات الفقر والبطالة وغلاء المعيشة وندرة الوظائف أحد أسباب نقاط الضعف المؤثرة سلبا في الأمن الفكري، مؤكدا في الوقت نفسه أن الاستراتيجية تهتم بالفكر بصفة أساسية، وستقدم عبر برنامج استشراف رصدا دوريا لهذا الظواهر وغيرها من المؤثرات السلبية أو الإيجابية، من خلال تقديم مقترحات عملية لصاحب القرار وبشكل سنوي أو نصف سنوي، ورصد لقوة هذا العامل أو ضعفه واستشراف السيناريوهات المستقبلية في ذلك. وعن الشرائح التي تخاطبها الاستراتيجية، ذكر أنها تشمل كل الأطراف المؤثرة في صناعة الفكر وتوجيهه، وتركز على خمسة محاور هي: السياسي الاقتصادي، والديني الإرشادي، والتربوي التعليمي، والأسري الاجتماعي، والثقافي الإعلامي، مع تركيز على فئة الشباب لأنها هي الأكبر والأهم. وكشف عن تخصيص ملف كامل في الاستراتيجية لتدريب أئمة المساجد والدعاة إلى جانب شريحة واسعة من المعلمات والمعلمين ورجال الأمن، لتوعيتهم بأهمية الأمن الفكري وضرورة تحصين الجيل ضد مهددات الأمن الوطن والوحدة الوطنية، مؤكدا أن هذا البرنامج سينفذ بالتعاون مع الوزارات المعنية، وسيتم تصميم حقائب تدريبية مناسبة. وذكر أن فريق العمل درس مسببات الانحراف الفكري، الذي يقود إلى الإرهاب وتنفيذ أعمال إجرامية، واتضح أن العوامل المؤثرة تنقسم إلى مجموعتين؛ عوامل خارجية مهيئة وممهدة للانحراف الفكري، وعوامل داخلية في صلب الفكر نفسه تؤدي إلى ضعف المناعة الفكرية. وعن الجهة التي ستناط بها مسؤولية متابعة تنفيذ الاستراتيجية، قال «الاستراتيجية تحظى بمتابعة واهتمام من الأمير نايف بن عبد العزيز، وقد وجه 16 خطابا للجهات الحكومية المعنية للتعاون مع أعضاء كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري في جامعة الملك سعود في إعدادها، وكل الجهات ذات الصلة بالمحاور المذكورة آنفا سواء أكانت حكومية أو أهلية، فهي معنية بتنفيذ الاستراتيجية حين إقرارها، وقد وضحنا في كل برنامج من برامجها المتنوعة التي بلغت 11 برنامجا تحديد جهات التنفيذ الرئيسة والجهات المتعاونة». أما مسؤولية المراقبة -والحديث هنا للدريس- فإن الأمر متروك لصاحب القرار، حيث ستخضع الاستراتيجية بعد تسليمها نهائيا إلى فحص عدد من الجهات العليا في الدولة، مسؤوليتنا تنحصر في تقديم مقترحات حول ذلك لانسيابية آليات التنفيذ، ولكن البت النهائي في هذه الجزئية لم يتقرر الآن. وأفصح عن وجود برنامج «احتواء»، هدفه احتواء الفئات المهددة التي ظهرت عليها علامات الانحراف الفكري ولم تنخرط فعليا في أعمال مهددة للأمن الوطني ، مؤكدا أن هذا الباب جاء استجابة لرغبة أولياء أمور الشباب في وجود جهات مدنية كمستشفيات الأمل تقوم من خلال عيادات تعديل السلوك بالاحتواء المبكر لأولئك الشباب، بتوجيههم فكريا بصورة علمية مدروسة، مبينا أن هذا البرنامج سوف يساعد الأسر كثيرا على المبادرة في تقويم انحرافات أبنائهم دون خوف من إيقافهم أمنيا، لأن المعلومات الشخصية ستعامل بسرية كما في التجربة الناجحة لمستشفيات الأمل. وشدد على أن من أهم مقومات نجاح هذا البرنامج تحديدا عدم إلحاق المستفيد بأية تبعات جنائية من وراء ذلك، وهذا سيدعو الأسر السعودية للتفاعل مع البرنامج ، وسيكون رافدا مهما لتعزيز الأمن الفكري بطريقة إنسانية تحفظ للفرد كرامته وللدولة استقرارها.