كشف القائد العام لشرطة دبي الفريق ضاحي خلفان تميم، عن توقيف سلطات دبي لأشخاص تطابقت أسماؤهم مع أسماء مدرجين في قائمة ال85 مطلوبا أمنيا، التي أعلنتها وزارة الداخلية السعودية في الثاني من فبراير 2009م، لكنها ما لبثت أن أخلت سبيلهم بعد التأكد من السلطات الأمنية في المملكة، وأن الأمر لم يك سوى تشابه في الأسماء. الفريق ضاحي خلفان يصر على ترديد هذه المعلومات بغية التأكيد على التعاون الأمني في مجالات مكافحة الإرهاب، تهريب المخدرات، الجريمة المنظمة وغسل الأموال، مبرزا أن التعاون بين البلدين في أفضل مستوياته على اعتبار أن أمن المملكة كل لا يتجزأ، ليس مع الإمارات فحسب، بل مع دول مجلس التعاون الخليجي كافة. وأعلى القائد العام لشرطة دبي من جهود الأمن السعودي في مواجهة الإرهاب واحترافيته العالية، ويقظته في إفشال مخططات تنظيم القاعدة الإرهابي، مشير إلى أن ذوي الأفكار الجانحة لن يستطيعوا أن ينالوا من ريادة ورسالة المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين وخدمة قاصدي الحرمين الشريفين. وإلي ثنايا الحوار: • استهلالا، هل لنا أن نسألكم عن التعاون الأمني بين المملكة ودولة الإمارات العربية المتحدة في مجال مكافحة تهريب المخدرات والمؤثرات العقلية؟ التعاون بين المملكة والإمارات في هذا المجال، تعاون قديم ومنذ زمن بعيد، خصوصا في تبادل المعلومات. وهناك اتصالات عبر قنوات رسمية مفتوحة على نحو يمكن حتى صغارالمسؤولين في التواصل مع بعضهم البعض؛ بمعنى أن الصف الثاني والثالث من القيادات الأمنية في كلا البلدين على تواصل تام ويتعاملون بشكل أخوي، لهذا فإنني أشعر بمنتهى الرضى إزاء هذا التعاون القائم على أسس منهجية. • وهل يمكن أن تقدموا مثالا من صور هذا التعاون؟ للمملكة في دولة الإمارات ضباط ارتباط من الإدارة العامة لمكافحة المخدرات يجدون من نظرائهم كل تعاون، ضمن حقيقة أن أمن المملكة كل لا يتجزأ، ليس من أمن الإمارات فقط، لكن من كل دول الخليج. ونحن قدمنا ونقدم كل ما يمكننا لجهة إحباط محاولات تهريب المخدرات لأية بقعة في العالم، فما بالك حينما تكون الدولة شقيقة وجارة كالمملكة. والتعاون بين بلدينا في مجال مكافحة المخدرات في أفضل مستوياته، ومثال لما يتعين أن يكون عليه التعاون بين بلدين. • وماذا عن التعاون أيضا في مجال مكافحة الجريمة المنظمة وغسل الأموال وما شاكلهما؟ كل معلومة أمنية ترد إلينا ومطلوب منا الإجابة عليها ومتابعتها، لا نتوانى في العمل على تبليغها إلى الطرف الآخر. وليس من سياستنا في دبي أن ننكفئ على أنفسنا، لأن عدم التواصل يخدم الطرف الآخر. وهذا الطرف كما تعلم لا يرحم، ذلك أن ضرر المخدرات يمثل إشكالية كبرى للعالم برمته، ويعمل بإدراك حيال تغييب عمل عصابات المخدرات. وهنا، يفرض ضرب من الالتزام الأدبي والأخلاقي بأن يمرر المعلومة لأجهزة الأمن أينما كانت، بأن هذا الشخص أو ذاك يتعاطى في مثل هذه المسائل. سواء في قضايا الأمن العام أو تهريب المخدرات والمؤثرات العقلية كالخمور وماشاكلها. • كيف تنظرون إلى تجربة المملكة في مواجهة الإرهاب والنجاحات التي تحققها أجهزة الأمن السعودية ضد تنظيم القاعدة الإرهابي؟ المملكة استخدمت أكثر من سبيل لمواجهة هذه الظاهرة، فإلى جانب الجهود الجبارة والتضحيات التي بذلت ميدانيا لمحاربة هذه الظاهرة، فقد سلكت طريق المناصحة وإعادة تأهيل من حاد عن جادة الصواب من المنتمين لهذا الفكر. وانتظم كثير من التائبين في المجتمع وأصبحوا أشخاصا مقبولين في مجتمعهم، في الوقت الذي ضربت فيه بيد من حديد وبقسوة على من أراد التخريب والتفجير، وهو أمر لا بد من التعامل معه بشدة وقوة. أتمنى على من انتمى لهذا الفكر المنحرف، أن يدرك حقيقة واحدة؛ وهي أن المملكة بلد مترامي الأطراف والعمل على الإضرار به لن يؤدي إلى التأثير على هذه الدولة العملاقة القادرة على فرض سيطرتها على كل شبر من أراضيها، لهذا فإنه من الخطأ أن ينفذ أي شخص عملا تخريبيا ويظن أنه بهذا أسقط كل الحصون الأمنية في هذا الوطن الكبير. وأقول إن الإرهابيين لن يستطيعوا تحقيق أي هدف يمكن أن يغير الواقع الموجود على أرض المملكة، لأن هذا الواقع ينضوي على خدمة نصرة الإسلام والمسلمين ورعاية للمقدسات. قبل فترة كنت في مكةالمكرمة، وعندما قدمت إلى دبي تحدثت مع بعض الإخوة عما قدمته المملكة للإسلام والمسلمين، خصوصا في ما يتعلق بعمارة وتوسعة الحرمين الشريفين، وخدمة قاصديهما القادمين من كل أرجاء المعمورة. ولهذا، فلن يستطيع تنظيم القاعدة والإرهابيون أن ينالوا من المملكة ودورها الريادي وكل ما تبذله من جهد مالي وبشري جندته لخدمة المسلمين. • كيف ترون احترافية وكفاءة الأمن السعودي في إحباط وإفشال المخططات التي يتبناها تنظيم القاعدة الإرهابي؟ أجهزة الأمن في المملكة، دون مجاملة، كانت ولم تزل موفقة إلى حد بعيد جدا في مواجهة مخططات القاعدة بيقظة تامة واحترافية عالية، إذ إن أي جهاز أمني عندما يكون متيقظا، هو يتعامل بحرفية مع ما يحدث. وفي تصوري، فإن المملكة وبالقدرالذي كانت مستهدفة من قبل الإرهاب بشكل أو بآخر، فقد تمكنت من التصدي له بعمل دؤوب ومحنك. • في مطالعتنا للسير الذاتية الخاصة بالمدرجين على قائمة المطلوبين أمنيا في المملكة، اتضح أن عددا غير قليل من منهم سافروا إلى مناطق الصراع عبرمطار دبي، فلماذا هذه المحطة تحديدا في رأيكم؟ لا أعلم تحديدا عدد الذين سافروا عبر مطار دبي، لكن مطار دبي اليوم، وكما تعرفون، يشهد حركة سفر كثيفة منه وإليه، ويصل ويمر عبر هذا الميناء الجوي نحو 48 مليون مسافر سنويا، لهذا فإنني أرجو ألا يحسب هذا الأمر علينا. ولكن إذا كان هذا العابر المسافر من الأسماء المعمم عليها، فإنه لا يمر إلا إذا كان اسمه غير مدرج على قوائم الممنوعين. وهنا، سأعطيك مثالا في قضية محمود المبحوح الذي لم يكن اسمه على قائمة الإنتربول، ولم تكن صورته معروفة للأجهزة الأمنية، ولم تكن هويته متداولة بأنه ممنوع، حتى أن رئيس الشرطة الدولية (الإنتربول) كان هنا قبل أسبوعين، وقال: إذا كانت الأطراف الأخرى تطالب بالمبحوح، فلماذا لم تضعه في نشرات الإنتربول حتى يمنع، ونحن في دبي على تواصل مع المملكة، حتى بمجرد الاشتباه في شخص. وهذا ما حدث بالفعل، فقد تبادلنا معلومات في هذا الشأن. • هل هناك أمثلة؟ أكثرمن ثلاث حالات مرت علينا وقمنا بالتدقيق مع الإخوة في المملكة للتأكد من هويات هؤلاء، وأنهم ليسوا من المطلوبين في قوائم الأمن، وأذكر أننا أوقفنا شخصا لمرتين لتطابق اسمه مع أسماء مطلوبين للأمن السعودي، وأكد لنا الإخوة في المملكة أن هذا الاسم والشخص غير مطلوب وأن العملية لا تتجاوز تطابقا في الأسماء، لهذا فإننا على تواصل مستمر مع المملكة حتى لمجرد الشك في الاسم؛ بمعنى أن هناك خطا مفتوحا بيننا. • على ضوء نتائج التحقيقات في حادثة مقتل القيادي الحمساوي محمود المبحوح، واتهامكم جهاز الموساد الإسرائيلي بالوقوف خلف عملية الاغتيال، والجدل الذي أحدثته عملية تزوير جوازات دول أوروبية.. ألا تخشى دبي انتقام الموساد، أو محاولة تصفيتكم شخصيا؟ لا أعتقد أن جهاز الموساد الإسرائيلي متهور إلى الحد الذي يدفعه للقيام بعمليات تصفية شخصية. • لكنه فعلها مع المبحوح؟ يمكن بينهم وبين المبحوح عمليات قتل، وأنا لم أقتل أحدا، أنا ضابط أمن ومطالبتي كانت قانونية. • لماذا رفضتم مشاركة حماس في سير التحقيقات التي أجريتموها في تلك الحادثة؟ عندما حدثت قضية الشيشاني، رفضنا تدخل أي أحد من الشيشان أو روسيا في القضية، فلدينا معلوماتنا وفريق تحقيقاتنا، وتوصلنا إلى نتائج ملموسة، ثم إنه لا يجوز لنا أن نتعاطى مع كل فصيل فلسطيني، فلدينا سفارة فلسطينية نقدم لها كل المعلومات المطلوبة، ونحن نشرنا كل ما لدينا عبر الشبكات الإلكترونية وليس لدينا شيء نخفيه. • كيف تابعتم ردود الفعل الإعلامية، إثر إعلانكم للنتائج التي توصلتم إليها في تلك الجريمة؟ عجبت من كاتب أمريكي أشاد بشرطة دبي في مقال نشره في ال(واشنطن بوست)، بينما بعض الكتاب العرب، وهم قلة استهجنوا تصريحاتنا وتحدثوا عن أنه ليس إنجازا ولا عملا يشاد به. •وهل تعتقدون أن الكاتب الأمريكي أنصفكم لمجرد أنه أشاد بأدائكم في كشف غموض عملية الاغتيال؟ هو كان يتحدث عن الواقع، بل إنه قال أمرا مهما عندما ذكر أن العملية التي نفذها الموساد قامت على افتراض رئيس واحد، وهو أن يسجل القتل على أنها وفاة طبيعية، وكانت هذه هي السقطة. وإذا كان هذا كلام واحدٍ منهم، فإن الحق ما شهد به الأعداء. • ما مدى دقة المعلومات التي تقول إن شرطة دبي استعانت بخبراء أجانب لإماطة اللثام عن سيناريو اغتيال القيادي المبحوح؟ لم نستعن بأجانب، وأؤكد لكم هذا، باستثناء التحاليل التي دلتنا على نوعية المخدر، إذ لم تكن لدينا الإمكانات لفحصه ما تطلب فحص العينه في مختبر غربي، واستغرقت نحو شهر. • مقتل الشيشاني وسوزان تميم وأخيرا المبحوح، لماذا دبي ساحة للتصفيات الجسدية؟ الشيشاني أتى من بلده، وليس لدينا شيء عليه، فهو رجل مسلم ولديه سبعة أولاد واختارالعيش في دبي، وكون الآخرين يمنحونه التقاعد ثم يلحقون به ويقتلونه عندنا، فعليكم توجيه السؤال لهم، لكن بالنسبة لنا فقد تمكنا من إلقاء القبض على اثنين من الفاعلين، وهما بصدد المثول أمام المحكمة. أما ملف سوزان تميم ليس سياسيا، بل عملية قتل طائشة متهورة، واستغلال ملاحقتها وقتلها في دبي ربما لتصورهم أنه أفضل من قتلها في لندن. • لكنهم لم يتمكنوا من قتلها في لندن؟ الممثلة سعاد حسني قتلت في لندن، ومن يأخذ علينا مثل هذه المآخذ، خصوصا أن كاتبا عربيا تساءل في مقال كتبه حول عدم منع دبي للجريمة قبل وقوعها، أقول لهم وله إن من يلومنا في عدم معرفة المبحوح وقتلته، أن الجريمة تقع، بدليل أنهم وهو لم يتذكروا كيفية مقتل رابين بين موساده وحراسه. الجريمة تقع في كل زمان ومكان، لكن العبرة في اكتشافها. ولأول مرة في تاريخ الموساد تنشر صور القتلة وموظفيه في نشرة الإنتربول الدولي. • هناك من يعتبر كاميرات المراقبة في فندق (البستان روتانا) هي الحلقة الأولى، ولولاها لم تتمكن شرطة دبي من الوصول إلى نتائج في حادثة قتل المبحوح؟ إذا لم تتوفر لدينا كاميرات وفحوصات الحمض النووي، ومختبرات وقدرة على التحليل، فلا يمكننا أن نتوصل لشيء. الناس تناسوا أن شرطة دبي، وبخلاف الكاميرات، أظهرت عينات ال(DNA) موجودة لديها، والمعروف أن القتلة لا يتركون وراءهم أثرا. • هل ستدققون في منافذ دخول دبي في أسماء قيادات تنظيمية فلسطينية في المستقبل على ضوء اغتيال المبحوح؟ الأشخاص الذين يأتون عبرالقنوات الرسمية والاتصال عبر الحكومة ويحلون ضيوفا على الدولة، نحن نؤمن لهم الحماية، لكن الذين يأتون بجوازت غيرمعروفة فلسنا مسؤولين عن ذلك.