أستفتيكم اليوم في أمر طبيب ساءه نقد الصحافة تجاه أخطاء زملائه حين قتلوا مريضا وأقعدوا آخر، فبعث رسالة مختصرة غاضبة من سطرين قال فيها: أنتم تجاوزتم حدود النقد إلى التجريح، وتناسيتم إنجازات الأطباء وحسناتهم وتعلقتم بأخطاء طبية تحصل في كل العالم. أنتم تريدون الإساءة فقط، نحن نعرف، ولكن أقولها لكم .. مثلما تجمعت أقلامكم على هيئة الأمر بالمعروف و (انكشفت) أهدافكم، فسيأتي اليوم الذي ينتصر فيه حقنا. أبعدوا أقلامكم عن هذه المهنة الإنسانية الشريفة (...) فيكفي تعريضكم بحراسها ويعني هنا الأطباء. الخطبة الإلكترونية العصماء بالأعلى كانت مناشدة فيها تهديد من (السيد دال)، والذي يرى أن المساس بطبيب مخطئ أمر مقصود وخلفه نوايا خبيثة تستهدف الأطباء عموما. وقتها قبل شهرين تقريبا ركنت الرسالة بعد أن حوقلت، لكن خوفي من تهديده وهو يبشر بنصر قريب جعلني أعود لما بعد سطوره: كيف لو فعلها وزملاؤه وتحركوا لمنع الحديث عن الأطباء وأخطاء بعضهم في حق الناس، خصوصا وهو يقارن عمله بعمل الهيئة حين يقول إنه يحفظ النفس، فيما يبرر رجل الهيئة لخطئه بأنه حفظ للأخلاق. تخيلوا بعد عشرة أعوام إذا شكك في النوايا لأجل مقال طالب بمحاسبة طبيب مخطئ: كيف سيصير الحال؟ تخيلوا عنوانا في صحيفة يقول: «وزارة الصحة تطالب بالتوقف عن نقد أطبائها»، وآخر: «مستشفى يعيد طبيب إلى عمله بعد إدانته بخطأ طبي أقعد مريضا»، وثالث: «استشاريون يقولون: من ينتقد طبيبا تجب محاسبته ومعاقبته لأن نواياه فاسدة». شخصيا أعتقد أن الأمر ممكن جدا وفي القريب العاجل، طالما أن في أيدي الأطباء حجة قوية وهي (حفظ النفس)، إحدى الضروريات الذي جاء بحفظها الدين، ويستطيعون تبرير أخطائهم بها طالما غيرهم يبرر بأنه يخطئ في سبيل المحافظة على الأخلاق والدين. وقتها سيدافع محبو (السيد دال) عنه بكل ما يملكون: سيصبح كل خطأ منه صح، وسيسوقون لكل تجاوز منه ألف مبرر. سيمتنعون لحظتها عن نقد من ذبح مريضا بمشرط، ومن نسي طاولة في بطن آخر، وكل من قطع وسمم وقتل مرضاه، فمع الوقت يصير هذا ذنبا يوجب الامتناع. هذه (موضة) الهروب من نقد الصحف بالتغطي برداء التبرير و جملة (سمو أهداف المخطئ وسوء نوايا الناقد)، وهذه نتيجة متوقعة مع الزمن طالما يوجد على أرض الواقع من يجيد اللعب بها. وغدا لا عجب إذا أتى من يطالب بالسكوت عن أخطائه، غير ذاك الطبيب، فمن يدري: قد يجد غيره حجة يضحك بها على الناس لتسكت عنه الأقلام، وهذه لعبة لها أصولها ومفاتيحها. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة