حذر إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور عبدالرحمن السديس من استغلال الكلام في تصفية الحسابات، أو الطعون في الذوات والكفاءات، داعيا أصحاب الأقلام تسخير ما يكتبون لخدمة الدين ونصرة قضايا المسلمين، وجمع شمل الأمة ووحدة صفها، وتوحيد كلمتها، وخدمة مصالح البلاد والعباد. وأوضح السديس في خطبة الجمعة أمس في المسجد الحرام أن من مقتضيات القول الثمين النقد الباني الأمين مسؤولية الكلية عبر وسائل الإعلام، مشيرا إلى أن النقد المسموع لا بد أن يكون من ذي مكنة واقتدار، فلا يطلق الكلام في المجتمعات والمؤسسات والهيئات حمما حارقة، ونصالا خارقة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت». وطالب السديس أصحاب الأقلام والإعلام بتقوى الله فيما تخطه أيديهم، والحذر من الشطط والجنف، مشيرا إلى أن الكلام المشرق في معناه، الساطع في مبناه، هو المرآة العاكسة لروح المتحدث ونقاء فكره ووجدانه. وأكد السديس أن على الصحف السيارة عدم الانصراف عن «الرأي الجزل الأثير إلى القول المسطح المثير، وعن الفكرة الرصينة الظافرة إلى الصورة المستهجنة أو السافرة التي تطال الثوابت، وتنال من المسلمات»، و«الكلمة الطيبة صدقة»، مشيرا إلى أن التحقق بمسؤولية الكلمة المأمونة الصادقة الموزونة ملاك العالم لتحقيق السلام والإنصاف والأمن والائتلاف ونبذ الصراع والإرجاف. وبين الدكتور السديس أن الشريعة الغراء ندبت إلى انتقاء الكلمة الطيبة الصالحة، لما لها من الآثار العظيمة، والمنافع الكريمة، ونهت عن الكلمة الخبيثة الكالحة، لأنها ميسم الخطل والرعونة، والبهت والخشونة، مبينا أن الشامتين بأمتنا هم المستفيدون من الكلمة الخبيثة، مشيرا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء»، مؤكدا أن المسلم الأريب العاقل يوزن كلامه، والمحافظة على شرف الكلمة معنى ومبنى، دون السمسرة والابتذال، والقرصنة والاستغلال، و«يا بشرى الذين يصعدون بكلمة الأمة، وأمة الكلمة ثقافيا وإعلاميا وفكريا واجتماعية».