هدوء.. همس.. نظام صارم.. ألوان متناسقة.. طلاب منكبون على دروسهم.. موظفون يعملون بجدية واحتراف.. إنها جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية. من يدلف إلى عمق بيت الحكمة الجديد يحتاج إلى حواسه الخمس بكامل طاقتها، ليلمس ويتذوق ويشتم رائحة النجاح.قبل أقل من ثلاثة أعوام، استيقظ بحر ثول على صوت رجال أتوا ليزرعوا حلم وأمنيات ودعوات قائد حكيم يعرف أن الزعامة مسؤولية تنبثق حرصا على الأجيال. نما وترعرع الحلم بتعب المخلصين، واحترافية وجدية فريق من 20 ألف إنسان حولوا ملوحة البحر إلى حلاوة الإنجاز، وجاء العالم في اليوم الوطني ليشهد على نهوض الواقع بعد أن كان حلما. بالأمس كان الافتتاح، واليوم الثمار بدأت تتدلى، فقبل أيام قليلة انقضى أول فصل دراسي في ثول، مع أول يوم مهنة تسابقت فيه الشركات للفوز بالنوابغ الذين ستدفع بهم الجامعة، ولم تمض ساعات حتى انطلقت أهم رحلة استكشافية بحثية إلى البحر الأحمر من قلب الجامعة. وفي الرياض، يقف جناح الجامعة ليعرف بالتاريخ العلمي والبحثي للعلماء المسلمين، ومن جهة أخرى يشارك المجتمع في تظاهرته الأهم ويقدم له نموذجا عن الجامعة التي تسعى إلى أن ترسم الابتسامة للأجيال المقبلة. ولم تعد زيارات رؤساء الدول والسياسيين والعلماء إلى المملكة تكتفي باللقاءات الرسمية بل أصبحت جامعة الملك عبد الله جزءا مهما من جدول أعمالها، لتكون بالفعل اسما على مسمى «بيت الحكمة»، هذ الاسم الذي استيقظ مُجددا ومعرفا بأمجاد العرب والمسلمين ومواصلا رحلة البحث وخدمة الإنسانية بالعلوم والمعرفة. في الأمس البعيد تكون البيت على يد الخليفة أبي جعفر المنصور، الذي عرف بعنايته بنشر العلوم المختلفة ورعايته للعلماء من المسلمين وغيرهم، حتى أصبح مضرب المثل، وكانت التجربة بمثابة أول حوار لحضارات وأديان الأرض، إذ أرسل الرسل إلى إمبراطور الروم لجلب أهم كتب اليونان والمراجع المهمة في مختلف العلوم، فبعث الأمبراطور إلى الخليفة كتبا في الطب والهندسة والحساب والفلك، ونقلها المترجمون الأوائل إلى العربية. في ذلك الزمن، أرسل أبو جعفر المنصور يطلب الكتب، وفي هذا العصر يسجل التاريخ للإنسان والقائد عبد الله بن عبد العزيز، جمعه نخبة من عقول العالم تحت قبة واحدة، للخروج بواحدة من مؤسسات المعرفة العالمية. جامعة الملك عبد الله تسابق الزمان لتقدم منتجا فريدا بعد أن دبت الحياة منذ ستة أشهر في عروقها، المعامل والباحثون والطلبة الكل يشعل المكان بالمعرفة. «عكاظ» التقت نائب رئيس جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية للشؤون الإدارية المهندس نظمي النصر وتصفحت معه تفاصيل الجامعة. • نبدأ من آخر محطات الجامعة، في المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية)، خصوصا أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز افتتح جناح الجامعة في المهرجان، حدثنا عن المشاركة التي تعتبر الأولى من نوعها؟ نرى في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية أن مهرجان الجنادرية أهم المناسبات الفكرية والثقافية والمهتم بالتراث الوطني، لذلك حرصنا على المشاركة، وجاء افتتاح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لجناح الجامعة تأكيدا لدعمه المستمر لمسيرة الجامعة منذ أن كانت حلما وحتى تحولت إلى واقع، ومن ثم نلمس حرص خادم الحرمين على أن تستمر الجامعة في نشر رسالتها العلمية والإنسانية، وتعريف الأجيال بأهمية البحث العلمي ودوره في تطور ورقي الأمم. وهنا أود نيابة عن زملائي في الجامعة أن نوجه الشكر إلى صاحب السمو الأمير فيصل بن عبد الله وزير التربية والتعليم لدعوته جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية للمشاركة في مهرجان الجنادرية ضمن جناح وزارة التربية ولحرصه واهتمامه وجهوده ومتابعته حتى تكون المشاركة الأولى للجامعة متميزة وذات أثر، بالشكل الذي يليق بها كمؤسسة علمية مرموقة أرادها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أن تكون منارة إشعاع تضيء لنا المستقبل بالنور والخير والحكمة. وحقيقة هذا ليس بمستغرب من الأمير فيصل خاصة أنه عاش لحظة بلحظة وتابع شخصيا بشكل متواصل رحلة تحقيق حلم خادم الحرمين بإنشاء الجامعة. والزائر للمعرض سيجد معرض الجامعة ضمن جناح وزارة التربية والتعليم وذللك ضمن منظومة متكاملة تضم كلا من: مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم، ومؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة)، وهي المشاريع التي يوليها خادم الحرمين الشريفين أهمية خاصة لدورها المهم في تطوير التعليم والاهتمام بالموهبة والنوابغ ودعم البحث العلمي والتي تسعى بتضافرها إلى الرقي بالمجتمع معرفيا واقتصاديا. ونسعى عبر المشاركة في الجنادرية إلى تعريف شرائح المجتمع كافة بالتاريخ العلمي للمسلمين ودروه التاريخي في الحضارة الإنسانية، والتعريف بأدوار الجامعة كبيت حكمة جديد في العالم. • هل هذه المشاركة ستقتصر على الجنادرية أم أن هناك استراتيجية تنتهجها الجامعة للمشاركة في أهم المناسابات التي تشهدها المملكة؟ بالفعل هذا توجهنا والمتابع لمسيرة الجامعة يلحظ أننا حتى أثناء تشييد الجامعة شاركنا في مناسبات مهمة مثل معرض الابتكار السعودي الأول (ابتكار 2008)، وحتى يوم الافتتاح كان المعرض مصاحبا للاحتفال الرسمي، كما شاركنا في مؤتمر التنافسية في الرياض ومنتدى جدة الاقتصادي ومؤتمرات داخل الجامعة وخارجها .. وهذا التوجه جزء لا يتجزأ من استراتيجية الجامعة ومسؤوليتها. • هل المشاركة في المهرجان هي بداية لصناعة وعي لدى المجتمع السعودي تجاه ثقافة البحث العلمي خصوصا في الوقت الذي ولدت فيه جامعة الملك عبد الله والمجتمع وفقا للدراسات لا يهتم بهذه الثقافة المهمة؟ هذه نقطة مهمة والوعي بالبحث العلمي أمر مهم جدا، ليس لجامعة الملك عبد الله فقط أيضا للجامعات السعودية الأخرى خصوصا الجامعات والمؤسسات التي تركز على العلم والعلوم والأبحاث كجامعة الملك سعود، جامعة الملك فهد، جامعة الملك عبد العزيز، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية .. مهم أننا نتشارك جميعا للبحث ونشر الوعي للبحث والعلوم لجميع مراحل التعليم في المملكة وليس فقط للمرحلة العلمية الجامعية. • نلاحظ حراكا متصاعدا للدفع بالمملكة إلى مجتمع المعرفة والاعتماد على الاقتصادي المعرفي، ضمن منظومة متكاملة ولجامعة الملك عبد الله دور مهم نود أن نعرف أكثر عن هذا الدور؟ من أهم ما تركز عليه رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والنظام الأساسي للجامعة والعمل مع باقي المؤسسات العلمية في الوطن لتحويل المملكة إلى اقتصاد المعرفة لنستطيع جميعا وليس الجامعة لوحدها لتتحول المملكة إلى الاقتصاد المعرفي. ونعمل على جميع الجبهات والجبهة الرئيسة فيها هي جبهة الموهبة وتشجيع الموهبة وخصوصا في المراحل الدراسية البدائية في التعليم مثل المرحلة التوجيهية وغيرها ونحن لدينا تجارب مثمرة نفخر بها مع مؤسسة موهبة. • «كاوست» كاسم مختصر مثل الكثير من الجامعات في العالم خصوصا الجامعات البحثية، هل هو مجرد اختصار أم هناك رؤية وراء اختصار الاسم؟ هي جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية اسمها واضح، معناها واضح بالعربية والإنجليزية وكل لغات العالم، والاسم المختصر هو عبارة عن خمسة حروف من اسم الجامعة باللغة الإنجليزية وهو أسلوب متبع داخل المملكة وخارجها. وعندما نتعامل مع الجهات داخل المملكة وخارجها في الاتفاقات والمخاطبات والمشاركات، فنحن نعرف بها بكل فخر باسمها الكامل: جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية. • مدة قليلة .. أو رحلة الألف يوم، هي التي تفصل بين التأسيس والافتتاح .. ومع هذا استطاعت جامعة الملك عبد الله أن تخرج إلى النور في مدة صعبة بقصرها .. ما هي العوائق التي واجهتكم؟ وكيف استطعتم تجاوزها؟ قبل أن أجيب على هذا السؤال .. أحب أن أقول وأستخدم كلمة تحديات بدل عوائق، لقد كان الطريق مليئا بالتحديات كانت هي المحفز الرئيس لإكمال الرحلة، والتحديات كثيرة وأعتقد أن التحدي الأول بالنسبة لنا في تأسيس الجامعة هو تعريف العالم بالجامعة، كان مهما جدا أن نقنع العالم بالبعد العلمي. كانت مهمة صعبة جدا أن نسعى إلى التعريف بجامعة علمية في المملكة إلى العالم وهي لم توجد إلى الآن ونطلب منهم أن لا يتعرفوا على الجامعة فقط، وإنما يتعاونون معها ويعملون معنا على إنشائها وتأسيسها وتحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين وأن يتعرفوا عليها وأن يدعموها وهذا كان التحدي الأول. التحدي الثاني أن نكسب العقول ونجذبها من شتى أنحاء الأرض خصوصا العقول الإسلامية والعربية التي هاجرت من المنطقة لنقنعهم أننا نبني بيت الحكمة الجديد. • قبل أيام زرت الجامعة في أول يوم مهنة، وكنت أتابع إلى أي حد تتسابق الشركات على الخريجين المتوقعين، بينما طلابكم الباحثون يركزون على الشركات البحثية عند اللقاء بمندوبي الشركات، كيف تنظرون إلى مستقبل البحث العلمي في السعودية والمنطقة بعد انتهاء أول فصل دراسي في الجامعة؟ أولا كمواطن، ثانيا كشخص مشى في رحلة تأسيس الجامعة منذ أول يوم شاهدنا مدى التطور العلمي في البحث، والتركيز على البحوث في المملكة عموما شيء مبهر للغاية، جامعة الملك عبد الله استفادت من هذه النهضة القوية التي تمر بها المملكة من ناحية تطور التعليم العالي وتطور البحث العلمي في المملكة وما نشهده من إنجازات في جامعة الملك فهد، جامعة الملك سعود، جامعة الملك عبد العزيز، ومدينة الملك عبد العزيز من تطور بحثي في الأربعة أعوام الماضية ليست بشارة خير فقط بل تعطينا الأمل أن مشاريعنا سوف تنجح، فوجود جامعة الملك عبد الله في خضم هذا الجو الذي تمر به المملكة أعطانا فرصة ودفعة قوية. وفي جامعة الملك عبد الله كل طالب يمثل لنا مشروع باحث ومشروع عالم، نحن لا ندرس طلبة لكي يتخرجوا، نحن نتمنى أن يكون كل طلبتنا علماء كبارا وقياديين في المستقبل. • إلى أي مدى يمكن أن تنجح الجامعة في تحقيق أهدافها العلمية والبحثية والتنموية على مستوى الواقع؟ طبعا ترتكز الجامعة أولا على خطة منهجية مدروسة بشكل منهجي وافٍ من إدارة الجامعة العليا نوقشت مع مجلس الأمناء، أخذنا دروسا كثيرة من تجارب المراكز العلمية المتقدمة في العالم وجامعاتنا السعودية ووضعناها في خطة متكاملة لتعمل مبدئيا في الجامعة، ووضعنا هدفين رئيسين كبداية في الجامعة، المجال التعليمي في الجامعة وهو تخريج طلبة بمستوى عال، تقديم أبحاث تهم الإنسانية، نشر المعرفة مع خطة مدروسة وضعت ونوقشت على مستوى الأمناء وحظيت بالدعم من المجلس والدعم المتواصل من قبل خادم الحرمين الشريفين. يعني لمن يقول تحويل المملكة إلى اقتصاد معرفة، صراحة لم يتم هذا دون أن نطبق المعرفة، وتطبيق المعرفة بحد ذاتها علم، كيف تتحول المعرفة في عقول علماء الجامعة إلى معرفة تخدم الاقتصاد في المملكة؟ والحرم الجامعي بأكمله هو مجمع متكامل ومركز للحاضنات ومركز الإبداع البحثي، ومن هذا المركز الكبير ستتحول أفكار الجامعة وأبحاثها في عقول منفذيها إلى اقتصاد سعودي. • المعرفة قوة، ولكن الأهم هو تطبيق هذه المعرفة .. ما هي المعطيات التي تجعلكم متيقنين أو واثقين من قدرة هذه المؤسسة الضخمة الوليدة على تطبيق المعرفة؟ سيطبق العلماء في الجامعة والباحثون بقيادة الشركات الصناعية سواء الداخلية الوطنية أو الصناعات الرائدة في العالم، وكلتا الصناعتين الوطنية والعالمية لم تأتيا إلى جامعة الملك عبد الله الا لأنهما وثقتا وتأكدتا أنهما جاءتا إلى هنا لتشاركا مع أحسن العقول في العالم، فيجب أن نجد ونثبت للجميع أن عندنا العقول والباحثين والدور الباقي على الشركات الصناعية. • مجلس أمناء الجامعة يضم في عضويته مزيجا من الأسماء المهمة عالميا في المجالين العلمي والأكاديمي وأهل الخبرة من جنسيات وأجناس وأفكار مختلفة .. كيف استطعتم الخروج برؤية منسجمة لهذا المشروع؟ من أهم مكاسب الجامعة مجلس الأمناء، وحقيقة نفتخر ودون مجاملة بمجلس أمنائنا، واختيار مجلس الأمناء كان من أهم مراحل تأسيس الجامعة، لم يختر عضو في مجلس الأمناء إلا بعد أن تأكدنا أنه يضيف إلى مسيرة الجامعة بعدا على المستقبل القريب والبعيد سواء كان صناعيا أو عمليا أو علميا وعلى هذا الأساس اختير العشرون عضوا من جميع دول العالم وأولها المملكة. انطلق المجلس في مشواره ليقود الجامعة برؤية صاحب الفكرة خادم الحرمين الشريفين، وهذه الرؤية بالفعل منذ أول يوم ساعدتنا على وضع جميع الاستراتيجيات ومن هنا ترجمت إلى رؤية اقتصادية صناعية أكاديمية وبحثية. • انتهيتم من عمل استراتيجية للجامعة حتى سنة 2020، أي لأكثر من 10 سنوات مقبلة .. ما هي ملامح هذه الاستراتيجية؟ وعلى ماذا ترتكز؟ الخطة الاستراتيجية هي التي ستقود الجامعة إلى النمو كي تصل إلى المستوى الذي بنيت عليه الجامعة، ولذلك نحتاج إلى خطة مرسومة لنصل إلى السعة الاستيعابية للجامعة التي فيها تصل الجامعة إلى ألفي طالب أو باحث بين دكتوراة وماجستير وأكثر من 20 مركز أبحاث. • في ظل السباق العالمي على الموهوبين، ما هي الآلية التي تم اعتمادها في الجامعة، أو الرؤية التي تم وضعها للتشجيع على الابتكار واستقطاب النوابغ في مجال الاكتشافات والاختراعات؟ لاشك أن النوابغ والعقول الفذة هي مقصد الجامعة لتسير في خطتها كي تنجح وتصل إلى أهدافها. ووضعنا في رؤيتنا أننا إذ لم ننجح في استقطاب النوابغ لن ننجح في استقطاب الذين بعدهم، ولذلك وضعنا هدفا أمامنا، أن نوفر كل ما يحتاجه أكثر علماء البحث نجاحا في العالم وقدمناه للباحثين. وما يحتاجه الباحث النابغ أو المجتهد، أولا أن يتطلع إلى الوصول إلى أعلى أدوات البحث، وجود مراكز أبحاث متطورة جدا في الجامعة إن لم تتقدم على مراكز الأبحاث العالمية، وجود مجال من الحرية الأكاديمية والبحثية، ينطلق العالم دون أي عوائق داخل الحرم الجامعي ليفكر ويبدع وعنده المجال، وجود طلبة يكون مستواهم ينافس أحسن مستوى طلبة في العالم ليبدع مع الطلبة النوابغ في الهيئة التدريسية، النابغة يجتذب الطالب النابغ ويتأكد أن الذي سوف يدرسه عالم نابغ، وضعنا هذا الجو العلمي والبحثي الذي يشجع الباحثين للمجيء إلى هنا ليتفرغوا تماما لإجراء البحوث دون أي عوائق داخل الحرم الجامعي. • ما يشغل فكر المتابعين للجامعة هو تقديم منتج يلمسه الناس، فهل لديكم خطة لتطبيق الأبحاث التي سيتم عملها في الجامعة؟ وكيفية ذلك؟ خطة الأبحاث في الجامعة من أول يوم كانت مركزة على التالي: 1- يجب أن تركز الجامعة على الأبحاث التي تصب في صالح البشرية وصالح المملكة كوطن واقتصاد وصالح المنطقة. 2- تركيزنا على أبحاث تصب في صالح البشرية، هدانا إلى التركيز على أبحاث تخص الغذاء، الماء، الدواء، والطاقة فكانت هذه الاستراتيجية الكبرى التي على أساسها انطلقت الجامعة. لاشك أن المملكة منطقة كبيرة وعندنا أحسن المراكز في العالم التي تركز على تحدي هذا الوضع والبيئة التي نتمنى في يوم من الأيام أن نقدر على اكتشاف قد يغير مجرى الزراعة وتوافر الماء وهو أغلى ما عند الإنسان، وبلادنا تتصدر دول العالم في محدودية مصادر المياه، فاستراتيجية الأبحاث بدأت بما يهم المملكة ويهم البشرية. • شراكات عديدة تم توقيع اتفاقياتها أخيرا من قبلكم .. كيف ستنعكس نتائجها إيجابيا على برنامج التنمية الاقتصادية في جامعة الملك عبد الله بكل ما يتفرع عنه من برامج؟ شراكاتنا العالمية تصب في مصلحة الجامعة من عدة اتجاهات .. أولا: عندما عقدنا الشراكات العالمية قبل سنتين كان من أهدافها جامعة الملك عبد الله على خريطة العالم بمجرد ما اشتركنا وشاركنا مؤسسات علمية بحثية، ثانيا: هذه الجامعات شاركتنا لسبب رئيس لأنهم آمنوا بفكرة الجامعة وأساتذة الجامعة، ومن لم يؤمنوا لم يشتركوا معنا لأنها أسماء لامعة، والجامعة كانت لا تعرفنا في ذلك الوقت، فهم آمنوا بفكرة الجامعة وشاركونا فكان دعما معنويا ودعما علميا للجامعة، ثالثا: عندما وصلنا إلى جذب العقول وجذب النوابغ العالمية كان من المستحيل عليهم أن يقبلوا العمل في مؤسسة علمية في المملكة لم توجد على أرض الواقع بعد، حتى عندما قبلوا الوظيفة، إن لم يروا مشاركة المراكز العلمية المتطورة والجامعات الرائدة في العالم معنا لأن هذا بحد ذاته تزكية من العالم أن هذه المؤسسة العلمية البحثية جامعة المستقبل وهذه الشراكات العالمية كلها كانت تصب من أول يوم في الأربعة محاور التي ذكرتها، وما يصب في مصلحة البشرية سواء كان ماء، دواء، طاقة، غذاء، ونأمل أن تصب في مصلحة البحث العلمي في الجامعة. • كم مدة برنامج التنمية الاقتصادية؟ أي ما هو جدوله الزمني؟ وما هي أهم الأهداف التي يمكن ملامستها على أرض الواقع بعد انقضاء المدة؟ التنمية الاقتصادية لها أول وليس لها آخر، نحن بدأنا في الجامعة بالتركيز على التنمية الاقتصادية وهي عبارة عن جسر يربط الجامعة بالاقتصاد في المملكة وهي أحد أهداف الجامعة، ووجود أرض كبيرة مقتطعة داخل الحرم الأكاديمي لبناء ما نسميه مدينة البحث العلمي في الجامة بمساحة ثلاثة ملايين متر مربع لجذب الراغبين في الشراكة مع الجامعة لبناء مراكز أبحاثهم داخل الحرم الجامعي. وهذه الجانب يمتلك أهمية لأنه سوف يكون تطبيقا فعليا لدفع التنمية الاقتصادية كتحويل الأفكار في الجامعة إلى شراكة مع الصناعة وإلى بناء مراكز أبحاث داخل الجامعة حتى تحويلها إلى صناعات خارج الحرم الجامعي في جميع أنحاء المملكة. نحن فخورون جدا بالتفاعل الأولي من الصناعة في المملكة وخارجها مع برنامجنا تفاعلا أكثر بكثير مما توقعنا، ونأمل أن نصل إلى اختراعات رائدة على مستوى العالم والمملكة، ويزداد عدد رجال الأعمال المستثمرين في العقول وأن يكونوا شركاءنا في التنمية الاقتصادية داخل الجامعة وخارجها.