.. والعنوان بالأعلى ليس لرواية أو فيلم سينمائي، ولكنه خلاصة الإحصائيات والأرقام الرسمية التي تشير إلى أن الموت في هذه البلاد لم يعد مجرد حالة طبيعية ككل دول العالم، بل تحول إلى (ظاهرة) مخيفة سببها الوحيد مربوط في كومة حديد اسمها: سيارة. يشكل رقم الموت السنوي عندنا استثناء بين كل دول العالم، وكأننا ننافس شعوبها في ماراثون إلى القبور وحياة البرزخ، وسبب هذا بكل أسف وحسرة هو عشق التهور المميت خلف مقود سيارة. نحن نختم حياتنا كغير كل الناس على هامش طريق وفي بطن جدار اسمنتي أو في عمود إنارة، ويا لها من أمكنة للموت. ومن أراد أن يتأمل الحقيقة المرعبة ويتيقن بها أكثر، فليعد إلى أرقام الموت التي تنشرها مصلحة الإحصاءات والمعلومات العامة ويضع عينيه على معدلات الموت في منطقة كالرياض ومكة، ويراقب كيف يرتفع السهم تصاعديا عندما يقرأ أعداد الموتى الذين أعمارهم ما بين 18 و 25 عاما، ستنتهون حتما إلى توقع مخيف وهو أن جيلا بأكمله يتناقص تدريجيا بسبب سيارة. أتدرون هنا ما هو المثير والمؤسف في هذا الموضوع؟ المثير فعلا هو ردة فعلنا تجاه هذه الظاهرة، والتي لم تتجاوز حتى اللحظة لوحات توعوية على جانب طريق فيها عبارة تحذير أكل عليها الزمان وشرب، ولم تعد تقدم أو تؤخر، وكأننا بالإكثار منها سنقلص من أرقام الموت بحوادث السيارات. نحن لا نزال نعالج ظاهرة موت نتصدر أرقامها على مستوى العالم بطرق تقليدية بحتة وبعقوبات أثبتت أنها لم تردع التهور ولن تردعه إلى مائة عام مستقبلا إذا بقيت كما هي برأفتها. نحن نضحك على أنفسنا إذا اعتقدنا أن عبارة ك(لا تسرع) ومعها البقية المستهلكة، ستحقن الدماء المسكوبة على الطرقات، وأن عقوبة المائة والمائتين وسجن اليوم الواحد ستعيد العقل إلى من تهور. نحن أمام واقع يشير إلى أن نظام الردع الحالي لم يعد صالحا للحد من حالات الموت باستهتار في صناديق الحديد، وخذوها بالتنبؤ : إذا ظل الحال كما هو، فانتظروا مشروع نقاش في مجلس الشورى لاستحداث مئات المقابر على امتداد الطرق في البلاد، فنحن مع هذه الظاهرة لم نعد ندري في أي (طريق) سنموت. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة