لما تزخر به من كنوز تاريخية ومعالم أثرية بارزة وأشكال معمارية جذابة، لفتت قرية آل خلف الواقعة في أحد أودية محافظة سراة عبيدة جنوبي منطقة عسير، أنظار السياح العرب والأجانب من مختلف الجنسيات والباحثين والمهتمين بالآثار من مختلف الجهات. ويعود تاريخ إنشاء القرية إلى عشرات العقود، وتشكل أنموذجا فريدا للعمارة الهندسية في البناء والتشييد واختيار مصادر البناء من البيئة المحلية في إنشاء المنازل والأبراج والممرات القديمة، وتتمتع بمعالم أثرية وتاريخية ومبان وأدراج وآثار مبنية على الطراز القديم. وحول هذه القرية يقول عضو هيئة التدريس في جامعة الملك فيصل الدكتور هاني القحطاني: إن الأهمية التاريخية لقرية آل خلف التراثية في محافظة سراة عبيدة، تكمن في تصديها للأتراك قبيل انضواء منطقة عسير بكاملها تحت لواء الحكم السعودي الزاهر. ويضيف «رغم قيام الأتراك بقصف حصون شيخ القرية بالمدفعية وإحداثهم ثقوبا واسعة فيها، إلا أن أبناء القرية في ذلك الحين المتحصنين فيها كانوا على قلب رجل واحد وأنزلوا بالأتراك هزيمة منكرة، وما زالت تفاصيل هذا الحدث خالدة في ذاكرة شيوخ القرية وكبار السن، حيث تعكس وبوضوح البسالة التي أبداها سكان القرية في تصديهم للغزاة». وفي ما يخص الأهمية الحضارية والتراثية فيذكر القحطاني أنها تتمثل في نوع البناء الموجود بالقرية الذي اشتهرت به منطقة عسير واندثر جزءا منه أو في طريقه إلى الاندثار ويجب المحافظة عليه، ومن الناحية الاجتماعية فكانت القرية تمثل نظاما اجتماعيا نموذجيا للقرى التقليدية في منطقة عسير والسعودية عموما، أما من الناحية البيئية فتمثل القرية نظاما بيئيا متكاملا يعتمد على الاستغلال الأمثل للمعطيات الطبوغرافية والطبيعية والمناخية للمكان. من جهته، أوضح رئيس بلدية سراة عبيدة مسفرالوادعي، أن أهمية القرية تتمثل في تاريخها العريق وهي تضم آثارا كثيرة يتوجب المحافظة عليها، وهذا واجب وطني يقع على كاهل أهالي القرية جميعا لما تمثله من أصالة وتاريخ، مشيرا إلى أن القرية تعتبر من أجمل القرى في المنطقة وما زالت تجذب السياح العرب والأجانب من مختلف الجنسيات. وأوضح أنها تتميز بقصورها العالية وأبراجها المرتفعة القديمة وغارها الشهير الذي يحتوي بداخله أربع غرف وأعمدة من المرمر ومكان للطهي وآخر لإيقاد النار وباب تدخله الشمس مرتين في اليوم وجامع آل مطر الأثري ومسجد (القطفة) والخزانات الدائرية المنحوتة في الصخر وبئر برحا أو (بني هلال) المنحوتة يدويا وعمقها 20 مترا وماؤها متوفر على مدار العام. وعن الجهود المبذولة لترميم القرية والمحافظة عليها ضمن برنامج تنمية القرى التراثية الذي تنفذه الهيئة العامة للسياحة والآثار بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، يقول عبد الله البشري (70 عاما) إن الضرورة اقتضت ذلك مع تأثير عوامل التعرية في مباني القرية المبنية من الطين وغير المعالجة بمواد تحميها، لافتا إلى أن بإمكان أهل القرية مستقبلا أن يستثمروا هذه الآثار لتصبح مصدر رزق وفرص عمل لهم في حال رغبوا ذلك، وإلا فإن عليهم أمانة المحافظة عليها للأجيال المقبلة.