وجه أحد القراء سؤالا تعجبيا إلى أفياء، حول ما يقوله الفقه عن حق أبناء البنات في وقف جدتهم، حيث يحرمون من ذلك، بينما يستمر أبناء الأولاد في التمتع بما أوقفه أجدادهم. ولأني لا أملك حق الإجابة على مثل هذا السؤال فقد طرحته ضمن بريد القراء يوم الخميس الماضي كما جاء بصيغته التعجبية، راجية أن يطلع عليه بعض المختصين في علم الفقه فيثير في نفوسهم الحماس لدراسة الأمر وإعادة النظر فيه وتفحصه من جديد، عسى أن يكون هناك رأي أفضل يعطي لأولاد البنات نصيبا في الوقف كما لأولاد الذكور. فالفقه في كثير من أحكامه قائم على الاجتهاد، وطالما أنه كذلك فإن هذا يعني أنه ليس كل ما ورد فيه من أحكام محكما خاليا من الثغرات، وأنه في تمام العدل وكماله. فكثير من الأحكام الفقهية قياسية مستنبطة باجتهادات من عقل الإنسان، والعقل ليس معصوما من الخطأ لذلك فإن اجتهاداته تظل في حاجة إلى المراجعة وإلى مزيد من التأمل وتقليب الأمور على وجوه مختلفة خاصة في هذا الزمان الذي تغيرت فيه كثير من الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية. بعد قراءة السؤال وصلني تعقيب من المحامي الفاضل الأستاذ عبد الله محمد العقلا، يقول فيه: «بنونا بنو أبنائنا، وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد، فالمال مال الأب، وقد أوقفه لمصالح أبنائه وتستفيد من عوائد الوقف وغلته البنات حال حياتهن لتحقق غرض الوالد وهدفه، وبموتهن تنقطع تلك الصلة لأن أبناءهن أبناء الرجال الأباعد. ويكفينا تدليلا انتساب هؤلاء الأبناء، فهل هو باسم والد الأم، أو الأب ووالد الأب وعائلته، وهذا هو ما جاء في القرآن: «ادعوهم لآبائهم»، هذا هو ما أذهب إليه، وإن كان هناك من يفتي بدخول أبناء البنات مع منافع الوقف باعتبارهم ورثة لوالدتهم، لكن في ذلك غضاضة على الأبناء الذكور ووارثيهم إذ يجب أن لا يغيب عن بال المفتي أن الديون التي تكون على الوالد يتحملها أبناؤه، وأن العاقلة وهم العصبة هم الذين يلزمون بالأيمان ويتحملون الديات والحقوق وأولاد البنات لا يلزمهم ولا يلحقهم شيء من هذه الأمور، إلا ما تطوعوا به بدون أحكام شرعية». وإني إذ أشكر المحامي الكريم على هذه الإفادة المفصلة، التي أرجو أن يطلع عليها السائل الأخ سعد زايد فيجد فيها ما يقنعه. إلا أني شخصيا ما زلت أتأمل في مدى صواب هذا الرأي! فالمنطلق الذي انطلقت الفكرة منه وهو أن (أولاد البنات، أبناء الرجال الأباعد) استشهادا بنسبتهم إلى أسماء آبائهم، يبدو لي منطلقا غير مقنع، فالروابط البيولوجية الغريزية العاطفية التي تربط بين الآباء والأبناء، سواء كانوا أبناء الأولاد أو أبناء البنات هي في ظني أقوى وأمتن من رباط الاسم، فضلا عن أن الانتساب إلى الأب والأم تحكمه قرائن وأدلة فعلية أقوى من مجرد حمل الاسم، وعندما لا يحمل الأبناء اسم أمهم فإن هذا لا يعني إسقاط نسبتهم إليها. أما عدم إلزام أولاد البنات بالديات والحقوق، فهو لا يبدو لي دليلا على عدم أحقيتهم بالوقف، قدر ما أنه نوع من التعويض، لما حرموا من الإرث، أسقط عنهم ذلك الواجب.. مرة أخرى أشكر المحامي الفاضل على إيجابيته ومبادرته إلى التعقيب والاسهام في نشر المعرفة. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة