أرجع أستاذ الإعلام المشارك في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية نائب رئيس الجمعية السعودية للإعلام والاتصال الدكتور عبد الله ناصر الحمود سبب كثرة التقليد في الأمور الفقهية وندرة الاجتهادات وعجز العلماء عن إقناع الناس بحكم اجتهادي لمجتمعات سابقة في واقع معاصر متغير بالضرورة لانفصام العلاقة بين علماء الشريعة من المسلمين في مختلف دول العالم الإسلامي ومصادر التشريع الرئيسة، بالوسطاء من علماء العصور المتقدمة، وقال الحمود ل «عكاظ»: «من هنا تتسيد الأيديولوجيات الموقف الإسلامي، وتتحول كثير من مظان الحكم الشرعي والفقه إلى فكر بشري يصيب تارة مقاصد الشريعة ويخطئ تارة أخرى، مكونا فرق المسلمين وطوائفهم وفئاتهم ومذاهبهم، التي لا ترجع بالضرورة لذات المراجع، ولا تستبين الحق من ذات المصادر». وبين الحمود أن «اختلاف العلماء رحمة، وسنة إلهية الأصل فيها أن تكون موطن تكامل شامل بديع، وفي ذات الوقت خصوصية في الزمان وفي المكان، وثنائية بديعة ضمنها التشريع الحكيم»، واستدرك: «لكن البشر قذفوا بكل تناقضاتهم فخرجت لنا مذاهب وفرق يجرم بعضها بعضا، وينفي بعضها بعضا». وأشار الحمود إلى أن المتلقين، من عامة المسلمين، قد وجدوا أنفسهم في موقف الشتات والضياع بين تلك الفرق والمذاهب لدرجة ظن فيها أهل كل مذهب أنهم دون سواهم يملكون الحقيقة المطلقة، في تجاهل أو جهل بأن الحقيقة الشرعية متطورة ومتغيرة بالضرورة، ولا يمكن احتكارها قرونا من الزمن من لدن طائفة أو مذهب أو جماعة. وأوضح الحمود أن مناطقية الإسلام المعاصر وخروج (إسلامات) منتمية سياسيا وجغرافيا، يعتبر أمرا عضالا زاد الشقة والفرقة بين عموم المسلمين وخاصتهم ، وأبدى عجبه من مظنة علماء كل بلد أنهم دون غيرهم مؤهلون لمعرفة الصواب ليس في نطاقهم الجغرافي والسياسي فحسب، ولكن في كل جزء من العالم، وزاد: «إذا تصورنا أن علماء كل بلد سيذهبون المذهب نفسه، أدركنا فداحة الخطر، وعظم البلوى، وسعة الشقة، وبون المسافات بين كل مسلم ومسلم آخر من بلدين مختلفين». وبين أن من يقف خلف هذه التصنيفات هو (النفعية) و(سيادة المصالح)، وقال : «في زمن غلبت فيه المصالح الذاتية المصلحة الكلية للأمم والشعوب، لا يمكن أن نتصور تكامل الناس، بل فرقتهم وضعفهم وهوانهم وذهاب كل فئة منهم بما ترى أنه يحقق مصلحتها السياسية أو الأيديولوجية. وباختصار شديد، مصلحتها (السيادية). إن داء السيادة قد أعيا من يداويه لأنه تتلاشى أمامه كثير من القيم والمبادئ والثوابت».