بات صدور نظام الرهن العقاري على الأبواب -حسب التصريحات الرسمية المتواترة. وهي نظم عامة لإقراض من يريدون تملك العقارات السكنية وغيرها، قد تعجل بحل أزمة السكن المحلية المتفاقمة. ولكن هذه النظم قد تكون مشكلة بحد ذاتها، إذا بالغت البنوك في فرض فوائد التمويل كما هو الحال الآن، حيث أساليب الفوائد المركبة التي لا تتواءم مع سعر الفائدة المحلي والعالمي، والتي تضاف عليها أتعاب مبالغ فيها بحجة أسلمتها. والمشكلة الثانية، تواجهها فئة الشباب والشابات على وجه الخصوص، وهي تأتي من مفارقة أن أحلامنا في الغالب أكبر من واقعنا وإمكانياتنا بكثير، فالشاب والشابة حديثا الزواج ليسا بحاجة لمنزل كبير شبيه ببيوت الأثرياء من الناس، والقرض العقاري إذا كبر عن قدرة الشخص المقترض على أساس السداد في مدة مناسبة لحياته العملية، يتحول إلى مشكلة له ولأسرته مع مرور الوقت. ما أقوله إن أحلام كثير منا غير واقعية، حتى لو لم تكن مستحيلة. وللتمثيل على ذلك فقد كان لي صديق هدفه امتلاك فيلا راقية أو قصر، ولم تكن إمكاناته المادية تسمح بهذا، ولكن تفكيره يتجه لأسلوب يتجاوز فيه المراحل إلى هدفه. نصحته أن يخصص المبلغ المتوافر له لشراء شقة صغيرة له ولزوجته، تنقذه من دفع الإيجار أولا، ثم يبدأ بتوفير مبلغ ليشتري أرضا ولو بعيدة عن النطاق العمراني. في البداية لم تعجبه الفكرة بكليتها، لكنه ناقش مع زوجته مجرد شراء شقة بدل الإيجار، وشجعته فاشترى الشقة، وخرج من معاناة من يدفعون الإيجار كل سنة، واسترخي في شقته الأرضية الصغيرة، ولم يتنازل عن طموحه السابق بامتلاك فيلا أو قصر. صار يقول لي وللمقربين من أصدقائه: (نتلهى بأم شوشة حتى تجيء المنقوشة)، ولكنه استحلى التملك، وبعد أن تحسنت مدخراته فكر في شراء أرض فاشترى أرضا بعيدة عن العمران وانتظر عدة سنوات، ثم بدأ خطوة الألف ميل في بناء منزل مقسط على دخله ودخل زوجته، وأنهيا الفيلا التي حلم بها بعد عشر سنوات طويلة. فأحيانا يحقق الزمن المستحيل، ويزيل من وجهنا ما كان في يوم من الأيام سدود المستحيل. الأهداف التي تمليها أحلام غير واقعية أو مناسبة لإمكانيات الفرد، أو مقارنة نفسه بشخص آخر كلها تذهب أدراج الرياح، لكن بناء الذات والأشياء خطوة بعد خطوة يجعل الإنسان يسير مع قطار التقدم نحو هدفه المنشود. توافر قروض عقارية للسكن بأي مستوى لا يحسن أن يغرينا بتحقيق ما يفوق واقعنا، فلا بأس أن نحلم بالأفضل، ولكن علينا أن نتصرف في حدود واقعنا. يحسن أن نستفيد من الإقراض العقاري المقبل بترشيد أنفسنا بما نقدر على تسديده، لأن جهات الإقراض سوف تملك عصا النظام لاستعادة أموالها ببيع منازلنا إن عجزنا عن تسديد قيمها. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة