كنت أقول دائما، إن الأغنية ليست مثلثا، متساوي الأضلاع، من الكلمة، واللحن، والأداء، ولا زلت مؤمنا بأن الأغنية هي اللحن أولا، وثانيا، وعاشرا، ثم يمكن لنا بعد ذلك بحث أمر الكلمات، والحنجرة، وأظن أننا نتأخر فنيا، عن لبنان مثلا، ومصر تحديدا، لأن عبقرية اللحن هناك، أشد حضورا، وأكثر ألقا، مكمن العلة، في الأغنية الخليجية عموما، في أن الشعراء، أكثر كرامة من أهل الموسيقى، وأن الألحان الخليجية، في شكلها العام، مجرد (شغالات) في (بيوت) الشعر!، بشكل أو بآخر: شعراء الخليج، يعيدون نشر قصائدهم، من خلال حناجر، والموسيقى ليست سوى عمل إضافي، يجمع الطرفين، و(يا بخت من وفق راسين في الحلال)، وأعود إلى مصر، لأنها الثقل الغنائي الأكبر، والأهم، وحين نقول إن الأغنية العربية، اليوم، فقيرة، وباهتة، وتمشي على عكاز التصوير، وفتيات الفيديو كليب، فإننا نقول الحقيقة، لكننا ننحرف عنها سريعا، حين نظن أن سبب ذلك، غياب الكلمات الجميلة، أو الأصوات العذبة، والسبب الذي أظنه أكثر جدارة بالطرح والبحث، هو غياب العبقرية اللحنية، فلا بديل لمحمد عبد الوهاب، ولا شبيه للموجي، ولا وريث لسيد مكاوي، ولا مثيل للسنباطي، والعطر الأصلي لبليغ حمدي، اختفى تماما، ولم يتبق منه سوى عطور مزيفة، أما كلمات الشعر الغنائي الجميلة، فهي حاضرة، يمكن لك ملاحظتها، ومتابعتها، بيسر، وسهولة، في مقدمات المسلسلات العربية، وفي كثير من الأفلام أيضا، في حين أن الأصوات الجميلة، متناثرة في كل مكان، كيف يمكن لأجيال فيها أمثال (آمال ماهر)، و(أنغام)، و(محمد منير)، و(مدحت صالح)، و(علي الحجار)، و(محمد ثروت)، و(غادة رجب)، وغيرهم كثير، أن يرجع سبب تهافت الأغنية، إلى غياب الأصوات الجميلة، الكلام يطول، ولإنهائه، ليس أفضل من القول: خذ أعظم شعراء الأغنية الخليجية، وأعطني خمسة من أمثال (مشعل العروج)، وأنا أضمن لك، أغنية خليجية، رائعة، وقادرة على التنفس، مثل الصبح، ومعه!، (مشعل العروج) الذي لم ينتبه أحد ربما، لرسالته الساخرة، في أغنية (يا التاكسي)، وكيف قدر على إنجاح كلمات ساذجة، بلحن عبقري، ساحر، لمثلى هذا (التاكسي) العجيب، يجب أن تتجه الأغنية، وإلى تلك الأغنية المنتظرة، اسمحوا لي أن أغني، بطفولة خالصة: (يا التاكسي .. خذني لها يا التاكسي)!!.