في حياتنا القديمة كان أمر التدخل في الخصوصية للأفراد من قبل السلطات المختلفة، وأفراد غير رسميين أمرا شائعا، لأنه في المدن الصغيرة، والقرى النائية على الناس أن يسلكوا سلوكا عرفيا واحدا لضبط حال العيش اليومي لينسجم مع الحال العامة لكل الناس، وكان من شذ عن أخلاق، وعادات المجتمع العرفية قد يؤنب في أشياء ليست ممنوعة شرعا، وكانت المساءلة تأتي للتحرز. لا زال لذلك التاريخ التقليدي أثر في حياتنا اليوم من تصرفات الجهات التقليدية، رسمية، وغير رسمية، بحجة الاحتساب، وقد تأتي هذه التدخلات بمساءلة من العائلة، والقبيلة لمنع من أفرادها عن سلوكيات بعينها، وأحيانا يفرض هذا التقليد وصاية على أناس مختلفين عن الثقافة المحلية، لكي تسلكهم في ضبط الجميع، بقانون عرفها القرية، أو المجتمع الصغير، فنجد هذه الجهات الرسمية، وغير الرسمية تضيق دائرة الأخلاق العامة في المجتمع لتناسب مرئيات تقليدية عرفية، مقرونة بعقوبات مناسبة، لأنه يعتبر في نظرهم إقلاقا للراحة العامة هو من الخروج على نظام المجتمع، وأعرافه، حتى لو كان لبس شاب، أو عباءة فتاة. إذا كانت الأوامر في الخصوصية لتحديد الذوق العام، مقبولة في القرية، والمجتمع الضيق فإنه يصعب تطبيقها على مجتمع المدينة الحديثة، فنحن لا نستطيع صياغة المجتمع المدني كما نريد لأنه أصلا متنوع، أما المجتمع الضيق فهو يتعايش مع نفسه بالتقادم على مسطرة واحدة في الأخلاق، والأكل والشرب، والملبس. المجتمع الواسع يصوغ ذوقه ونظامه، ويرسم مسارات حياته على مستوى وسط الناس «الافتراضي»، وهو وسط معتدل حسب النظم، لا يمكن تحديده بين الأبيض، والأسود في الأخلاق العامة، أي أنه لاعبرة بالمتشددين في التقاليد، ومن يعتبرون تجاوزها محرمات، ولا عبرة بالذين يتوسعون في قبول الأشياء، والتصرفات ما لم تتعارض مع شرع، أو نظام، فكل طرف من الطرفين يعتبر نفسه في المنظومة نفسها مهما اختلف، ولا تعتبر الوصاية والمساءلة بدون جرم واضح مقبولة في حفظ خصوصية الأفراد، ما لم تخالف شرع، أو تؤدي إلى ضرر بالآخرين. لكي يكون الأمر واضحا فنحن خلال العقود الماضية وضعنا مسطرة مستقيمة لعادات قروية معينة يقاس عليها كل الناس، وتوسعنا في المنع فكنا نمنع أحيانا ما لا يمكن منعه في تقدم العصر، بل إن بعض الجهات الرسمية كانت تمنع كل جديد من مبتكرات التقنية، إلى أن يصير متاحا لكل الناس، فتنساه رغم بقاء قانون المنع معلقا دون إلغاء. على الجهات التقليدية، أن تتحاشى الوصاية المطلقة على تصرفات الناس الشخصية الطبيعية التي لا تخل بمعايير الشرف والأخلاق، ولا تؤذي الغير، وأن تحترم خصوصيتهم، ماذا يهم من ملابس صبي يبحث عن الظهور بشكل مختلف، أو بنت تلبس بنطلونا تحت العباءة السوداء، أو عباءة فوق الكتف، أو على الرأس، فكلها في ظني اختيارات شخصية لا تؤذي أحدا ولا تثير شبهة.. والخلاصة أن محاولة وضع الناس على مسطرة تقليدية واحدة هو مهمة مستحيلة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة