خصصت المجلة العربية كتابها الشهري المرفق لعددها، للشاعر والأديب الدكتور غازي القصيبي، تحت عنوان «قصائد أعجبتنا من غازي القصيبي». وأعد واختار مضمون الكتاب فريق عمل من المجلة بقيادة رئيس التحرير الدكتور عثمان الصيني. الكتاب قدم له رئيس تحرير صحيفة الجزيرة خالد المالك، الذي أشار بداية إلى النهضة الجديدة للمجلة، بعد اعتمادها إصدارا أدبيا شهريا، واصفا الخطوة بالتأريخية. وقال المالك عن الشاعر: «إن اختيار المجلة الدكتور القصيبي لإصدارها المرافق للعدد بمختارات من شعره وسيرته الشعرية، يعتبر إلى جانب إصدارها الشهر الماضي عن إبراهيم عبدالقادر المازني ورحلته إلى الحج، تدشينا لمشروعها العملاق. إصدار كتاب كل شهر حدث ثقافي مهم، يضاف إلى التوجه الجديد للمجلة العربية بأن تكون حاضنة للإبداع والتميز للأهم من العطاءات الثقافية». واستعرض المعد للكتاب سيرة القصيبي الشعرية، التي نقتطف منها: «الحديث عن المؤثرات التي لعبت دورا في تجربتي الشعرية يسير وعسير في الوقت نفسه، هو يسير لأن سرد أسماء الشعراء الذين أعجبت بهم أو الكتب التي قرأتها أمر لا يتطلب كثيرا من الجهد. وهو عسير لأمور عدة منها أن التأثر عملية نفسية لا شعورية يعجز الشاعر نفسه في كثير من الحالات عن تبينها في نفسه أو في شعره». مراحل ومشوار الكتاب ضم العديد من أجمل قصائد القصيبي في مراحل مختلفة من حياته، ومشواره الطويل مع الإبداع، منها قصيدته «لك الحمد» التي تقول: «لك الحمد والأحلام ضاحكة الثغر لك الحمد والأيام دامية الظفر لك الحمد والأفراح ترقص في دمي لك الحمد والأتراح تعصف في صدري لك الحمد لا أوفيك حمدا. . وإن طغى زماني... وإن لجت لياليه في الغدر». وهي لوحة شعرية راقية فيها من التصوف والرضا بما قسمه الله على العبد من خير وشر، وكأنه الشعر أو الشعور القديم الجديد الذي يتحدث به لسان القصيبي اليوم. ومن قصيدته في تلك الوريقات «جزيرة اللؤلؤ « يأتي هذا الاختيار: «اليوم.. والأحلام ضائعة مبددة الشباب والعمر أشلاء ممزقة بأنياب السراب اليوم... إذ حان الرحيل وهمت في دنيا اغترابي ومضى شراعي واهن الخفقات يبحر في الضباب اليوم تنكرني وتتركني... وحيدا للعذاب ما ضر لو قبل الرحيل منحتني قبل الوداع لو جئت عن بعد تطالعني... تلوح بالذراع» وجدان الشاعر في هذه القصيدة تبدو ملامح عديدة تفسر نفسها بنفسها في وجدان الشاعر، وكأنه يكسب نفسه صفة يتشارك فيها مع الملاح التائه الشاعر علي محمود طه في «أو ما رثيت لذلك الملاح»، لكننا في النهاية إذا ذهبنا وجئنا في هذا المعنى فإننا لا نجد غازي القصيبي إلا ملاحا تاهت بنا قصائده شرقا وغربا، فهو ذلك الذي غنى لنا مع محمد عبده «تلك لورا فداء كل الغواني»، وهو الموضوع القديم الجديد للشباب العائد بعد دراسته في الخارج، وكل عائد بحصيلته العلمية والاجتماعية، وغنى لنا وغنينا معه للوطن وهو يصدح مع محمد عبده: «أجل نحن الحجاز ونحن نجد»، ومع أحمد الجميري عند افتتاح جسر الملك فهد عندما صدح برائعته: «ضرب من الحب لا درب من الحجر... هذا الذي طار بالواحات للجزر». كما كان إبداعه الترجمة الأولى في أوبريتات مهرجان الجنادرية بالفصحى، التي تبعتها وحيدة حتى الآن تجربة عبدالرحمن العشماوي. أغنية قبل الرحيل ومن القصائد المختارة في الكتاب «أغنية قبل الرحيل» التي فيها: «قبل أن أرحل عن هذي الديار قبل أن أضرب في تيه البحار قربي مني اسمعي أغنية لحنها ضم هدوئي وانفجاري صغتها من لهفة الروح ومن رعشة الشوق ومن قسوة ناري» كل القصائد تكاد تجبرك كقارىء على استعراضها جميعا منها «في شرقنا»، ومنها: «في شرقنا.. لا تستحي الشمس ولا ينام البدر في مهد من السحاب ولا يضيع الفجر في الضباب في شرقنا.. مازالت الحياة صبية لم تتقن الدهاء.. عذراء ما مر على أجفانها خبث النساء». مواضيع العدد من جهة أخرى، حفل العدد الجديد من المجلة العربية بالكثير من الموضوعات بين تحقيقات، ولقاءات، وقضايا إعلامية وأدبية يأتي من أهمها: برامج الرأي العربية.. النشأة والتحولات، ظاهرة الإسلاموفوبيا، ترميم المباني التأريخية، هوية التأريخ في مواجهة الاحتلال، هل يلتقي العلم والأدب تحت مظلة واحدة، وبحثا عن رحلة المرأة مع الموسيقى، وتحقيقا عن ميراث الحميني، ودلالات النبرة اللغوية الباريسية لدى المرأة المغاربية.