يرفع منتخب مصر حامل اللقب في النسختين الأخيرتين شعار الثأر عندما يلاقي في العاشرة والنصف من مساء اليوم نظيره الجزائر الساعية إلى تأكيد تفوقها على الفراعنة ويلتقي المنتخبان الجاران في نصف نهائي بطولة الأمم الأفريقية فيما يعرف بدربي شمال أفريقيا، لما يعرف عن لقاءات الفريقين من قوة وإثارة. وهي المرة الثانية التي يلتقي فيها المنتخبان خارج قواعدهما في شهرين بعد الأولى في السودان في نوفمبر الماضي في المباراة الفاصلة بينهما من أجل التأهل إلى نهائيات كأس العالم والتي حسمها الجزائريون في صالحهم 1-0. كما أنها الثالثة في المدة ذاتها بعد الأولى التي فاز فيها الفراعنة 2-0 في الجولة السادسة الأخيرة من التصفيات وفرضوا اللجوء إلى المباراة الفاصلة. وإذا كانت المواجهتان الأخيرتان شهدتا أحداث شغب قبلها وبعدها وكادت تؤدي إلى القطيعة الدبلوماسية بين البلدين، فإن مواجهة الغد تختلف كليا عن سابقتيها لأنها لن تشهد حضورا جماهيريا كبيرا لمشجعي المنتخبين والذي اقتصر حتى الآن على بضعة مئات، فيما تابع المباراة الأولى في القاهرة نحو 80 ألف متفرج، والثانية في السودان نحو 35 ألف متفرج. وتعتبر المباراة ثأرية للمنتخب المصري الساعي إلى رد الاعتبار لخسارته أمام الجزائر في المباراة الفاصلة بهدف المدافع عنتر يحيى وتأكيد أن سقوطها أمام «ثعالب الصحراء» لم يكن سوى مجرد كبوة، فيما تمني الجزائر النفس بالفوز لتأكيد أحقيتها بالفوز على الفراعنة والتأهل إلى المونديال. ولن يقتصر ثأر الفراعنة على خسارة المباراة الفاصلة في السودان، بل يتخطاه إلى سعيها إلى تحقيق فوزها الأول على الجزائر في الكأس القارية حيث خسرت أمامها 3 مرات 0-3 (1984) و0-2 (1990) و1-2 (2004) وتعادلا مرة واحدة 2-2 بعد التمديد عام 1980 عندما فازت الجزائر 4-2 بركلات الترجيح. والتقى المنتخبان حتى الآن 19 مرة، ففازت الجزائر 6 مرات ومصر 5 مرات وتعادلا 8 مرات. وتأمل مصر في مواصلة انتصاراتها من أجل تحقيق إنجاز غير مسبوق يتمثل في إحراز اللقب الثالث على التوالي والسابع في تاريخها، وهي تملك من الأسلحة ما يكفي لتحقيق ذلك بدءا من حامي عرينها عصام الحضري الذي دخل مرماه هدفان فقط حتى الآن في البطولة، مرورا بخط الدفاع الأفضل في البطولة حتى الآن بقيادة وائل جمعة ومحمود فتح الله وسيد معوض، وخط الوسط بقيادة القائد أحمد حسن صاحب الأرقام القياسية في البطولة (8 مشاركات و170 مباراة دولية و3 أهداف في صدارة لائحة الهدافين) والساعي مع الحضري إلى اللقب الرابع (1998 و2006 و2008)، وصولا إلى خط الهجوم بقيادة عماد متعب ومحمد زيدان و»الورقة الرابحة» محمد ناجي جدو صاحب ثلاثة أهداف في 3 مباريات لعبها بديلا، وبات يتصدر ومواطنه حسن وفلافيو أمادو (أنغولا) وسيدو كيتا (مالي) صدارة لائحة الهدافين. ولن يكون المنتخب الجزائري لقمة سائغة أمام الفراعنة، فهو بدوره يضم تشكيلة مدججة بالنجوم خصوصا قوته الضاربة في خطي الدفاع والوسط وتحديدا في المباريات الأخيرة بقيادة حارس المرمى المتألق فوزي الشاوشي والمدافعين مجيد بوقرة ورفيق حليش ونادر بلحاج وثلاثي خط الوسط يزيد منصوري وحسن يبدا وكريم زياني والمهاجم كريم مطمور، بالاضافة إلى العائد من الإصابة لاعب وسط لاتيسو الإيطالي مراد مغني. نيجيريا×غانا سيكون ملعب «11 نوفمبرو» في العاصمة لواندا مسرحا لقمة واعدة بين الجارين غانا ونيجيريا ضمن نفس الدور. وعلى غرار المباراة الثانية في نصف النهائي بين مصر حاملة اللقب والجزائر، فان رائحة الثأر تطغى أيضا على دربي غرب أفريقيا بين غانا ونيجيريا خصوصا الأخيرة التي كانت أقصيت على يد الأولى 1-2 من الدور ربع النهائي للنسخة الأخيرة في غانا. ولم يظهر المنتخبان بمستواهما المعهود حتى الآن خصوصا نيجيريا التي أنقذت نفسها ورأس مدربها شعيبو أمودو بالتاهل الى دور الاربعة عن طريق ركلات الترجيح على حساب زامبيا، بعد دور أول مخيب استهلته بخسارة مدوية أمام مصر 1-3 وفوز بشق النفس على بنين 1-0 من ركلة جزاء لاييغبيني ياكوبو، ثم فوز عريض على موزامبيق 3-0. ومن جهة أخرى وقفت التكلفة الغالية لأسعار التذاكر وأماكن الإقامة في أنغولا وصعوبة الحصول على تأشيرات الدخول إلى العاصمة لواندا، عائقا أمام أنصار المنتخبين الجزائري والمصري لمتابعة لقاء نصف النهائي لمسابقة أمم أفريقيا، إلى جانب الأحداث قامت بها جماهير الطرفين من أعمال تخريبية في مواجهتي التصفيات في مصر وأم درمان التي وضعتها الخارجية الأنغولية في عين الاعتبار تحسبا لأي أعمال شغب تعكر نجاح استضافة البطولة، وبحسب مصادر مقربة من الطرفين فان حكومتي البلدين فسحتا المجال أمام أعداد تتراوح بين 200 و400 متفرج للسفر إلى بنغيلا. ويبدو أن جماهير البلدين أيضا تعلمت الدرس من «حادثتي القاهرة وام درمان» وحرص كل طرف على عدم الخوض فيما سبق والتركيز على المواجهة التي ستمكن من تأهل منتخب عربي إلى المباراة النهائية وبالتالي ارتفاع حظوظ بقائه في خزائنها بعدما توجت به تونس عام 2004 ومصر عامي 2006 و2008. وقال كريم الهداجي أحد الفائزين الستة بتذاكر السفر إلى أنغولا وحضور العرس القاري في مسابقة إحدى الشركات الراعية للمنتخب الجزائري في تصريح لوكالة «فرانس برس»: لا أعتقد أن تكون هناك مواجهات بين جماهير البلدين هنا في بنغيلا، ما حدث في القاهرة وأم درمان كان استثنائيا بسبب الحملات الهوجاء التي شنتها بعض وسائل الإعلام في البلدين، لقد هدأت الأمور الآن وفكر الجميع في عواقب ما حصل وأنا متأكد بان المشهد لن يتكرر هنا في بنغيلا». واوضح مواطنه سفيان دزاز «سنشجع منتخب بلادنا حتى نهاية المباراة ولن نتوانى في ذلك لكن في ظل الطرق المشروعة وفي إطار الروح الرياضية، فنحن بلدان شقيقان وتجمعنا راوبط الأخوة والدين والحضارة». من جهته، قال محمد إبراهيم: «نحن شعب مسالم وسنبقى كذلك. سنشجع مصر الخميس وسنصفق للمنتخب المتأهل». ويبدو ان الهدوء سيبقى سائدا في بنغيلا حتى يوم المباراة، لأن وصول مشجعي المنتخبين لن يكون سوى يوم المباراة بعدما أكدت مصادر مقربة من الاتحاد الجزائري أن طائرتين ستقلان المشجعين إلى أنغولا يوم المباراة وسيعودون مباشرة إلى الجزائر عقب انتهائها، والأمر ذاته بالنسبة إلى المصريين الذين حددوا مجموعة من المشجعين التابعين للجمعيات المشجعة للأندية في مصر حتى يضمنوا تواجد «جمهور حضاري يعي بالمسؤولية ويقوم بدوره كمساند لا كمخرب» بحسب مسئول في الاتحاد المصري لكرة القدم. من جانبها دعت القنصلية الفرنسية في القاهرة قرابة 10 آلاف فرنسي يقيمون في مصر إلى «الحذر» عشية مباراة مصر والجزائر في نصف نهائي كأس الأمم الأفريقية. وقالت القنصلية في بيان موجه إلى الجالية الفرنسية أن أحداثا وقعت على هامش مباراتي البلدين في نوفمبر الماضي في تصفيات المونديال. واضاف البيان أن «بعض مواطنينا ذوي الأصول الجزائرية ولكن مواطنين آخرين فرنسيين تعرضوا لحوادث خطيرة جدا في بعض الأحيان من قبل المحيطين بهم أو من قبل معتدين مجهولين في الشارع». وتابع البيان «بالنظر الى احتمال أن تظهر مجددا عوامل للتوتر بمناسبة مباراة الثامن والعشرين من يناير، فإننا ننصحكم بأن تتوخوا الحذر لفترة من الوقت».