يبرز ديوان «المحبرة أنثى» للشاعرة جاكلين سلام رغبات وهواجس امرأة تسكن بلا بوصلة ولا خارطة في المساحة القلقة بين هويتين وجغرافيتين ولغتين، محملة بأصداء الحروب، العواصف، الأعاصير والأوبئة التي تحيق بالإنسان، وفي الوقت نفسه تصيخ السمع لتحولات الجسد، الذاكرة، والتباس الهوية. الديوان الصادر حديثا للشاعرة السورية لدى دار النهضة العربية في بيروت، وقع في 148 صفحة، وكتبت قصائده على مدى سبع سنوات في كندا حيث تقيم الشاعرة منذ هجرتها من سورية سنة 1997. تقسم الديوان وهو الرابع لجاكلين، إلى سبعة فصول: محبرة الرغبة، محبرة الأربعين، محبرة السنجاب، محبرة الجيم، محبرة أيوب، محبرة البلاد، محبرة الضوء. كتب الناقد عزت عمر عن نص جاكلين الطويل «المحبرة أنثى والكلام ناقص»: «خلاصة التجربة الشعرية في هذا النص تتكاثف حول ثنائية: حبر/ كتابة، والحبر هنا رمز لذكورة فضاحة، ذكورة يمكن وصفها بأنها تسعى لتلطيخ وجه العالم بهذا السائل الداكن، الذي تبقى آثاره طويلا، بل ربما لا تزول، لكنها في الوقت ذاته ستضع المحبرة أمام جبروته، ستخزنه فيها، ومن هنا تأخذ رمزية المحبرة أبعادا دلالية تعود إلى الميثولوجيا؛ إلى خزان البشرية الرمزي، وإلى حواء أمنا الحاوية، كي تقنن من فعل الذكورة الفائض بثقافة القوة من خلال المحبرة أي الأنوثة، وإذا كانت الكتابة بالحبر مطلوبة، فلتكن إذن في الأمكنة المطلوبة، وفي ما يخدم البشرية».. وفيما يلي فقرة من نص «المساء الذي بلون واحد لا يكتمل»: «... قبل أن أعبث بمساحات اللون، كان علي أن أطفئ السيجارة، أطفئ الأضواء والشفاه لتغفو الكلمات تحت غلالة الليل وإلى أن يصير الأفق قوس قزح ينحني حول قلوب لا أعرف لونها ولا تعرفني. تخمد تحولات اللون. تسيح بين أصابعي الألوان غريبة كالحقيقة، كالأوطان، كوجودي في هذا البيت الذي يكاد يغسله هطول الفجر». جاكلين سلام، شاعرة وقاصة ومترجمة وتنشر مقالاتها في عدد من الصحف العربية ومجلات أدبية متفرقة في المهجر الكندي.