رغم افتقار (جوال جازان) إلى فن صياغة الخبر وأكثر من ذلك إلى من يكتب الخبر -حين بثِهِ في شاشات الجوالات- بطريقة إملائية صحيحة، إلا أنه كان موفقا في فكرة رسالته الإخبارية التي بثها يوم الجمعة الموافق 29/1/1431ه والتي كانت تحت عنوان (جرعات زائدة) ونصها كالآتي: «عندما يصرف لك الطبيب الدواء يحذرك من تعاطي جرعات زائدة لكي لا يتحول إلى سم قاتل.. وفي مخيمات الإيواء جرعات دينية لا تتوقف.. محاضرات يومية عن المعاصي والتوبة والعقيدة السليمة وعذاب القبر والنار.. وكأن النازحين كانوا يعيشون في عصر الجاهلية.. يجب تقنين المحاضرات الدينية لكي لا تفقد قيمتها» انتهت الرسالة. المتأمل لهذا التكثيف من قبل الإخوة الدعاة -جزاهم الله خيرا- يجد أن رسالة جوال جازان تتكئ على جدار متين من العقلانية، إذ لا يقتصر الأمر على أن يفقد هذا الوعظ قيمته فقط، بل يتجاوز إلى مفاهيم أخرى قد تفسر من قبل النازحين أنفسهم أو بعضهم بأن النظرة إليهم مشحونة بالدونية المعرفية لشؤون الدين وتعاليمه، وربما يؤدي هذا التكثيف وهذا التسابق إلى منابر الخطابة وإطالة الكلام إلى أن تعج بعض المواقع الإلكترونية والمنتديات ببعض صور هؤلاء الدعاة وتحولهم إلى شغل شاغل للمؤدلجين والمتعصبين والمندسين تحت الشعارات الإسلامية ومنتهزي نثر الأفكار التي قد تخبئ وراءها ما تخبئه من نوايا يعلمها الله تغسل بها عقول السذج والبسطاء بين جموع النازحين، بالإضافة إلى الهالات الإعلامية التي تصنعها آلات التصوير التليفزيونية والفوتوغرافية -بقصد أو دون قصد- لأصحاب هذه الفعاليات التي يتضخم البريق الإعلامي من خلال (فلاشاتها) ويطغى على الأفعال البطولية التي ينسج خيوطها أبناء هذا الوطن الشجعان على حدودنا الجنوبية التي انتهك حرمة ثراها المعتدون. إن ظروف هؤلاء النازحين ومآسيهم والحياة الصعبة التي يعيشونها بسبب فراق أرضهم وممتلكاتهم ومزارعهم ومواشيهم وذكرياتهم في مرابع نشأتهم، كل هذه الأمور -رغم ما وفرته الدولة يحفظها الله- من رعاية واهتمام في مراكز الإيواء المجهزة بمعظم متطلبات الحياة -رغم ذلك كله- فإن هؤلاء النازحين قد فقدوا فيما فقدوه مساجدهم ومصلياتهم التي كانت تضج بالتسبيح والتحميد والتهليل، وفقدوا أماكن سجودهم التي تركت على جباههم بصمات مشعة بنورانية الإيمان من أثر السجود. «روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلت عميت».. من هذا المنطلق أحسن مدير جامعة جازان صنعا عندما شارك النازحين في فعاليات الترفيه البريء وقدم بعض الهدايا لأطفالهم.. وأحسنت جامعة جازان عندما قدم طلابها حفلهم المسرحي بالمخيم وخففوا بأفعالهم الإنسانية قسوة المأساة عندما رسموا الابتسامات العريضة على ثغور أولئك الناس وألغوا طعم ملوحة الدموع في محاجر تلك العيون. للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 101 مسافة ثم الرسالة