يدور في بعض البلدان العربية حاليا جدل كبير حول اعتماد قارئات للقرآن في الإذاعة، حيث تقدم أحد القراء بطلب رسمي إلى إذاعة بلاده لاعتماد قارئات للقرآن عبر الإذاعة، حتى تصل أصواتهن إلى العالم الإسلامي. وما بين مطالبة البعض بذلك ومعارضة آخرين فتحت «عكاظ» ملف القضية واستعرضت آراء نخبة من الدعاة والمختصين في سياق التحقيق التالي: لا للإقحام أوضح القارئ أبو بكر الشاطري أن إقحام المرأة في هذا المجال ليس له أي لزوم ولا حاجة له في ظل وجود رجال من ذوي الأصوات الحسنة والتجويد المتقن، مبينا أن «قراءة المرأة في حضرة الرجال الأولى فيها السر إن كان لغير التعليم، لكن يجوز للمرأة الجهر بالتلاوة من غير تمطيط ولا ليونة، وأما إن تواجدت الليونة المؤدية إلى الفتنة فلا تجوز»، مبينا أن صوت المرأة ليس بعورة لقوله تعالى: «وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب»، مؤكدا أن «الأفضل للقارئة أن تجتهد في تعليم أخواتها بدلا من القراءة أمام الرجال، لأن المرأة مهما كانت ستظل موضع فتنة للجنس الآخر»، مشيرا إلى أنه «لا يجوز للرجل الاستماع إلى قراءة المرأة إن كان يتلذذ بصوتها ويفتتن به، لكن سماعه لغير ذلك لا حرمة فيه». وقال مدير قناة اقرأ محمد أحمد سلام: «نحن في القناة ليس لدينا في الوقت الحالي أية خطة لبث تلاوات قرآنية بأصوات نسائية، ومع ذلك لا يوجد ما يمنعنا من هذا الأمر سوى انشغالنا بالأولويات». موضحا أن البعض يرى أن صوت المرأة عورة رغم عدم وجود ما يبين ذلك، مشيرا إلى أنه «إذا كانت المرأة قائمة بدينها ولا تخضع أو تلين بالقول سواء في الكلام أو القراءة، فإنني لا أرى ما يمنع تلاوتها للقرآن، واعتمادها قارئة كونها تجيد ذلك ولديها ملكة التجويد والصوت الحسن»، مبينا أن لهم عبر قناة اقرأ تجارب خيرة فكثير من المتصلين الراغبين في تعلم القرآن الكريم من النساء، ولو قلنا إن هذا محرم ومنعناهن لأغلقنا كثيرا من أبواب الخير عليهن. ونوه إلى أن مشكلة الكثير الذين يمانعون هذا الأمر هو ما اعتادوا عليه عبر سنواتنا الماضية، فالعالم العربي والإسلامي اعتاد على سماع صوت الرجال في قراءة القرآن حتى ظن أنه لا بد أن يكون القارئ رجلا «ليس غريبا أن نسمع ذات يوم صوت القارئات وهن يصدحن بالتلاوة خاصة في ظل سماحة الإسلام، إلا أننا لا نعرف كيف سيتقبل الناس الأمر». نحتاج لفتوى وحول الرأي الشرعي يعلق أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور ناصر الحنيني فقال: إن هذه الدعوى المثارة تحتاج إلى تأمل دقيق، ولا يمكن أن نصدر عليها في وقتنا الحالي أية فتوى، مضيفا: لا بد من مراعاة بعض الضوابط الشرعية، وأن نأخذها بعين الروية والاعتبار، فنحن مثلا أمرنا بالتغني في قراءة القرآن، وإننا بذلك سنواجه قارئات يتغنين بتلاوة القرآن أمام الرجال، وهذا قد يسبب فتنة «ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض». وبين أن هناك من يتسرع في إطلاق الأحكام ويدعي جواز هذا الأمر، محتجا بأن هناك الكثير من النساء اللاتي ظهرت أصواتهن عبر القنوات الفضائية وهن يقرأن كتاب الله رغبة في تصحيح تلاواتهن ولم يقم أحد بالتحريم عليهن، فلماذا يجوز للراغبات في التعلم إظهار أصواتهن وتمنع القارئات رغم أن صوت المرأة في كلتا الحالتين ظاهر، بينما يرى أن ظهور صوت القارئة أفضل لا سيما أن تلاوتها ينتفع بها. وعلق بأن «تعلم القرآن أمر مطلوب للرجال والنساء، والأفضل للمرأة أن تتجه لتعليم بنات جنسها، لكني أقول إن المسألة قد يكون فيها نوع من الاختلاف، فالتعلم حتى وإن كان عبر القنوات الفضائية له أحكامه واعتماد القارئات له أحكامه الأخرى»، مختتما «هذه مسألة لا أستطيع الحكم فيها بالحرمة أو الجواز لأنها قضية تحتاج إلى تأمل وطول نظر».