من يريد معرفة حجم اضطهاد المجتمع لنصف أفراده، عليه أن يذهب لدور الرعاية الخاصة بالفتيات؟ هناك ستسمع أبدع القصص في ظلم الإنسان للإنسان، ستسمع قصة فتاة أراد والدها بيعها لرجل أكبر منه، فهربت لأنها تريد شابا في عمرها للزواج منه، فألقي القبض عليها وأدخلت لدار الرعاية «السجن»، وبعد انتهاء عقوبتها «مع أني لا أعرف ما هي عقوبة من يدافع عن حياته التي لن يعيش غيرها، من يريد الدفاع عن إنسانيته، ويرفض أن يتم تسليعه ليباع». وإن كان ولا بد من عقاب، فذاك الوالد وذاك المسن هما من يستحق العقاب لأنهما ما زالا يتعاملان مع الرق، فيما الرق تم منعه وتجريم من يعمل به. هذه الفتاة وبعد أن ألقي القبض عليها بتهمة عدم تقبلها فكرة أنها «غنمة»، وبعد أن ترمى في السجن لتنفيذ عقوبة رفضها هذه الفكرة، وبعد أن تنتهي مدة عقوبة تفكيرها بأنها كائن حي ومستقل ومن حقه أن يختار حياته، تستمر في الدار إلى أن يحضر والدها/ بائعها ليستلمها. الوالد/ التاجر لن يأتي ليستلمها، لأنها من جهة لطخت سمعته، ومن جهة أخرى ذاك المسن لن يرتبط بامرأة حرة، فهو يريد غنمة تمشي على قدمين، فالصفقة فشلت ولن يدفع المبلغ المتوقع حين يقدم مسن على الزواج بفتاة صغيرة. فيضطر السجانون الطيبون سجنها من جديد بأثر رجعي لتلك التهمة التي أرتكبتها حين قررت أن تكون إنسانة، هؤلاء السجانون الطيبون سيخبرونك أنهم لا يستطيعون إخراجها بعد انتهاء المدة، لأن القانون يعاقبهم إن لم يوقع الأب على استلام ابنته. إن كان لديك عقل يؤمن بفكرة الاستعباد ستشكر السجانين على تفانيهم في سجن أشخاص انتهت مدة عقوبتهم، فأنت منطلق من فكرة تسمح لشخص أن يعتقل شخصا بحجة أنه يملكه. تلك الفتاة التي تصر على أنها ليست غنمة، سترتكب وقاحة وتطالب بأن تعامل مثل الرجل السجين الذي يخرج بعد سجنه بتهمة المخدرات دون أن يستلمه أحد، فيعود من جديد للمجتمع حرا يجوب الطرقات، وربما لو عاد لبيع المخدرات، لن يبقى دقيقة واحدة في السجن بعد انتهاء مدته. حين لا يستجاب لها، ستبدأ في تحريض باقي الفتيات في الدار، وستقنعهن بأنهن لسن غنما ليعتقلن مدى الحياة، إن لم يأت آباؤهن ليستلموهن أو يأتي رجل بلا أمل ولا مستقبل ويتزوجهن. هكذا أرى ما حدث في دار الفتيات في مكةالمكرمة، ولو كنت في مكانهن سأثور أيضا، لأن الظلم يجعل الإنسان في نهاية المطاف يثور. ويخيل لي وأكاد أجزم أن بقاء أي سجين في السجن بعد انتهاء مدة سجنه بأي حجة ظلم، خصوصا أن هناك سجناء «رجال» يسمح لهم بالخروج دون قيد أو شرط، ويمنحهم المجتمع الفرصة ليعودوا للمجتمع، وإن كرروا الخطأ عدة مرات، فيما لا يفعل هذا مع المرأة بحجة أنها تحتاج لراع يستلمها. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة