الأديان السماوية، وعقلاء الأرض أجمعوا على أن آفة المرء لسانه، وأن لا شيء مثل فلتات اللسان فهي تؤدي إلى المهالك، و «إن لسانك حصانك إن صنته صانك»، فاللسان والعياذ بالله من شطحاته وفلتاته وحده القادر أن يجر رقبة صاحبه إلى القبر. وبمعنى أصح إلى المشنقة والواقع يشهد أن دولا كبرى اضطرت إلى تقديم اعتذاراتها نتيجة فلتات لسان بعض أبنائها المحسوبين عليها، خاصة إذا كان هذا الابن يعمل في السلك الدبلوماسي أو في حقل عام مفتوح مثل «الدعوة» أو الإعلام! فمثلا لم يكن متوقعا أن تعتذر «إسرائيل» المتكبرة المتجبرة المتغطرسة المتسلطة والتي لا يردع دلالها أحد، لم يكن متوقعا أن تعتذر لكائن من كان.. فكيف تعتذر لتركيا! لكنها اعتذرت وأظهرت اعتذارها علنا على الملأ، وكان يمكن أن تعتذر سرا كما تفعل بعض الدول التي تمد لسانها الزفر علنا وفي السر تقدم اعتذاراتها الخفية، ومثل هذا الأسلوب وارد على الأرض طالما هناك دول متخلفة ودول كبرى، وطالما أن المصالح هي المحك والمقياس! إنما عند فلتات اللسان تذوب كل الفوارق ولا بد من ثمن إذا فلت لسانك ولم تصنه كي يصونك. وكم أوقع مغامرون أوطانهم في حرج مع الآخرين بسبب ألسنتهم الطويلة والفالتة والتاريخ له مرويات كثيرة في هذا الصدد، لكن المشكلة أن القراء قليلون والمستفيدين مما يقرأون أقل! ولو تساءلنا عن أسباب فلتات اللسان اللامنضبط لن نجدها كثيرة يكفي منها سببان: الأول الغرور والتنطع والعياذ بالله حيث يشعر المرء أنه قد بلغ في قلوب جماعته ومحبيه وكل من هم حوله الحد الأعلى من المكانة التي لا تعلوها شبهة ولا تضاهيها منزلة! هو الشعور بالقوة والعلو واعتلاء ناصية القلوب مما يجعل المرء يخالطه شعور أن ذنبه مغفور وزلاته مقبولة ولسانه مهما امتد وطال لن يجد غير التصفيق والإعجاب، إنه غرور المرء بنفسه واعتداده بشهرته وتصوره الأخرق أنه فوق المحاسبة والعتاب وفوق الشك والاتهام! فقد دخل القلوب وتمكن منها ولن يخرج ولو بزلزال لذلك يقول ما يقول لن يغضب منه أحد ما دامت الأفئدة تتراص حوله وتصفق له. أما السبب الثاني فهو الانتهازية التي توجد عند المرء الدافعية لافتراش المشهد والبروز فيه إنه حب الشهوات؛ شهوة الشهرة والصدارة والخروج بمظهر الأبطال ولو لم تكن الساحة ساحة وغي ولا حروب. إنها لحظة الضعف البشري أمام فرصة الكلام .. فبعض الذين يعطون فرصا للكلام ينظرون للفرصة بانتهازية وليس بحكمة واتزان. ما أكثر الذين ماتوا بسبب ألسنتهم، فهذا اللسان المخلوق الضعيف.. له من الأعاجيب ما لا يعلمها إلا الله. للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة