في ظل انعدام شبكة صرف صحي كاملة لما يعادل ثلثي جدة أسهم بشكل أو بآخر في ظهور سوق سوداء وتسارع جنوني في أسعار صهاريج الصرف الصحي، فلم يكن من أغلبية السكان سوى الرضوخ لمطالب سائقي الصهاريج الذين خلقوا تسعيرة جديدة حددت الرد الواحد بمبلغ يفوق 650 ريالا، وسبب الاستسلام يتمثل في هواجس ومخاوف ظهور أضرار بيئية تنعكس على الصحة العامة. دعا بعض سكان أحياء جدة المختلفة الجهات المسؤولة إلى وضع حد لمغالاة سائقي صهاريج الصرف الصحي لأسعار تفريغ مياه المجاري المحددة للمنازل وتحكمهم في الأسعار منذ وقوع كارثة أمطار الثامن من شهر ذي الحجة الماضي، مشيرين إلى أنهم أصبحوا محاصرين بين غلاء أسعار أصحاب الصهاريج وطفح مياه المجاري أمام منازلهم. ويوضح فايز باطويل من سكان حي الصفا (1) أن سائقي صهاريج الصرف الصحي استثمروا الأزمة التي تعرضت لها جدة بمساومة السكان واستغلال غياب الرقابة وعشوائية عملها، وخيروهم ما بين القبول بعروضهم الجديدة التي وصلت إلى 650 ريالا في بداية الأزمة، أو التعايش مع واقع طفح مياه المجاري وتلوث البيئة المحيطة بالمنازل. ويقول باطويل إنه عند محاولة التفاوض مع سائق الصهريج يبدأ الأخير بالتذمر وإنهاء المفاصلة إلى درجة أن البعض منهم يعمد إلى تجاهل الاتصالات ما دامت لا تتفق مع الأسعار التي حددها، مشيرا إلى أن الكثير من الصهاريج تقف في عدة مواقع بانتظار اتصالات الراضخين لأسعارهم فيما تجري مياه الصرف من تحتها. وطالب باطويل بتنظيم عمل صهاريج الصرف الصحي بشكل مشابه للآبار المخصصة للإشراف على صهاريج نقل المياه، وتحت مظلة مجلس إدارة تنظيمي يضمن حقوق المستهلكين ويوقف المتلاعبين بالأسعار وصحة المجتمع. بدوره، يؤكد يحيى الشعبي وهو من سكان الحي المجاور لميدان النجمة، تكرار بلاغاته للبلدية الفرعية والأمانة والشركة الوطنية للمياه لإيقاف تصاعد الأسعار الخيالي لناقلات مياه الصرف الصحي، بيد أن الجهات السابقة لم تباشر بلاغاته لحل المشكلة أو الوقوف على مشكلة طفح المجاري أمام منزله بسبب انسداد في الشبكة منذ ستة أشهر تضاعف مع أزمة جدة الأخيرة. وأشار الشعبي إلى عجزه وجيرانه عن مجاراة مغالاة أسعار صهاريج الصرف الصحي الأخيرة، في الوقت الذي تهدد مياه المجاري المحيطة بمنازلهم سلامتهم الصحية.