جامع بناه القائد عقبة بن نافع (رضي الله عنه) في مدينة القيروان التي أسسها بعد فتح تونس، وقد كان بسيطا صغير المساحة، تستند أسقفه على الأعمدة مباشرة، دون عقود تصل بين الأعمدة والسقف. وحرص الذين جددوا بناءه فيما بعد على هيئته العامة، وقبلته ومحرابه، وقد تمت زيادة مساحته كثيرا، ولقي اهتمام الأمراء والخلفاء والعلماء في شتى مراحل التاريخ الإسلامي، حتى أصبح معلما تاريخيا بارزا ومهما في تاريخنا العظيم. الشكل الخارجي للجامع يوحي للناظر أنه حصن ضخم، بسبب جدرانه السميكة والمرتفعة التي شدت بدعامات واضحة للعيان. أول من جدده حسان بن النعمان الغساني سنة 80 ه، فقد هدمه كله وأبقى على المحراب وأعاد بناءه بعد أن وسعه وقوى بنيانه. وفي سنة 105ه قام الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك بالطلب من واليه على القيروان بشر بن صفران أن يزيد في بناء المسجد ويوسعه، فقام بشر بشراء أرض شمالي المسجد وضمها إليه، وأضاف لصحن المسجد مكانا للوضوء. وبنى مئذنة للمسجد في منتصف جداره الشمالي عند بئر تسمى بئر الجنان، وبعدها بخمسين سنة (155ه) قام يزيد بن حاتم والي أبي جعفر المنصور على أفريقية بإصلاح وترميم وزخرفة المسجد. تعتبر مئذنة جامع عقبة من أجمل المآذن التي بناها المسلمون في أفريقيا، تتكون من ثلاث طبقات مربعة الشكل، وفوق الطبقات الثلاث قبة مفصصة، ويصل ارتفاع المئذنة إلى 31.5 مترا. وتقع في الحائط المواجه لجدار القبلة في أقصى الصحن المكشوف، ويدور بداخلها درج ضيق يرتفع كلما ارتفع المبنى متناسبا مع حجمه، ويضيق كلما ارتفعنا لأعلى.