أتابع أخبار جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بين وقت وآخر باعتبارها من الجامعات المتميزة على المستوى المحلي والعربي، ولأنها أيضا تقع في المنطقة التي أعيش فيها، ومن خلال هذه المتابعة أعرف أن هذه الجامعة تمر بتطورات جيدة إضافة إلى ما عرف عنها سابقا من تميز في برامجها الدراسية جعل كثيراً من الشركات الكبرى تتنافس على الحصول على خريجيها وتغريهم للعمل فيها. بدأت هذه الجامعة بكلية واحدة تحت مسمى «كلية البترول والمعادن»، وكان وزير البترول هو من يشرف عليها، وكانت علاقتها بأرامكو آنذاك سببا لدعمها وإعطائها نظاما إداريا مختلفا عما كان معهودا في الجامعات الأخرى، ثم أصبحت بعد ذلك تحت مظلة وزارة التعليم العالي مثل غيرها من جامعات بلادنا. لا أريد الحديث عن مباني الجامعة فهذه من وجهة نظري ليست بأهمية النظام التعليمي ولا البحثي ولا طريقة اختيار الأستاذة ومعاملتهم، ولا يعني هذا أن مباني الجامعة لم تتغير، ويكفي الجامعة في عهدها الجديد أنها حولت مباني الطلاب التي ورثتها الجامعة عن أرامكو والتي كانت سكنا لعمالها المبتدئين فأصبح الطلاب يسكنون في مبان فخمة يحسدهم عليها معظم طلاب الجامعات الأخرى، وهكذا سكن الأساتذة وبقية الخدمات الأخرى. يعجبني في هذه الجامعة أنها تحاول المحافظة على المقاييس العالمية في نسبة الطلاب للأساتذة فنجد أن لكل ثلاثة عشر طالبا أستاذا واحدا، وقلما نجد مثل هذه النسبة في بقية جامعاتنا، حيث يتكدس الطلاب بكثرة أمام أستاذ واحد خاصة في الكليات النظرية. هؤلاء الطلاب يتمتعون بناد خاص لهم، وفوق ذلك فلكل طلاب قسم ناد خاص لهم أيضا، وهذه الأندية تسهم في تعارف الطلاب بعضهم مع البعض الآخر، كما تسهم أيضا في تقوية علاقتهم بأقسامهم العلمية وجامعتهم. كنت وما زلت أتمنى أن يكون في كل جامعة تجمع للطلاب تحت أي مسمى وتجمع للأساتذة أيضا ونظام يجمع بين الأساتذة وطلابهم كل شهر على أبعد تقدير؛ نظرا للفائدة التي يجنيها الجميع عندما تلتقي أفكارهم ورؤاهم في خدمة قضاياهم العلمية وكذلك جامعتهم. في الجامعة نوعيات متميزة من الأساتذة، وأعتقد أن هذا النوع الذي يصنع مستقبل أية جامعة مهما أنفقت الجامعة في سبيل استقطاب هذه الكفاءات من أي مكان في العالم، ولعلي هنا أثني على الدكتور علي العطية نائب وزير التعليم العالي الذي أظهر حرصه على الرقي بالجامعات سواء كان هذا الرقي من خلال الأستاذة الدائمين أو المؤقتين أو من خلال الأبحاث والدراسات العلمية. في الجامعة الأستاذ الدكتور علي الدفاع رئيس اتحاد الفيزيائيين والرياضيين العرب لسنوات طويلة، وله أكثر من خمسين كتابا في تخصصه، وله أيضا مساهمات في قضايا المتجمع العلمية، وفيها الأستاذ الدكتور محمد شودري من باكستان أستاذ الرياضيات المعروف، والأستاذ الدكتور صالح دفوعة (السودان) أستاذ هندسة النظم، والأستاذ الدكتور عبدالرزاق حسين (الأردن) صاحب عشرات الكتب في النقد والأدب وغيرهم كثير. إن من المهم لكل جامعة أن يكون فيها علماء متميزون لكي يستفيد منهم الطلاب فتتوسع دائرة العلماء في بلادنا وهذا من أهم أهداف الجامعة. معهد البحوث في الجامعة أسهم بأعمال كبيرة كان منها مشروع الربط الكهربائي بين دول مجلس الخليج، والذي تم تدشينه في مؤتمر قمة الكويت. كما أن هذا المعهد يعمل مع شركات متخصصة في البترول في تطوير أبحاث البتروكيميات لتلبي احتياجات المملكة. لعل الشيء الجيد واللافت للنظر في الوقت نفسه أن هذه الجامعة التي عرفت بانفتاحها تتعاقد مع هيئة الأمر بالمعروف لتعد للهيئة برامج تطويرية وإدارية وكذلك دورات في اللغة الإنجليزية. وتعاقدت أيضا مع وزارة العدل لعمل تطوير إداري في المحاكم وكتابات العدل، وأعتقد أن سمعة الجامعة الإدارية كان وراء ذلك كله. ولا أنسى هنا التذكير بأن في الجامعة قسما متميزا في الدراسات الإسلامية والعربية وكان من مسؤوليات هذا القسم التنسيق والعمل في تطوير جهازي الهيئة ووزارة العدل. الأبحاث العلمية جزء مهم لكل جامعة وهي التي تحدد مكانتها بين الجامعات الأخرى، فجامعة الملك فهد حصلت على 27 براءة اختراع وسجلت 46 براءة أخرى، وتضم الجامعة أكثر من 27 كرسيا علميا للأساتذية و16 جمعية علمية و11 مركزاً بحيثا وعشرات الأبحاث الممولة من الجامعة. الطلاب الموهوبون لهم مكانة خاصة في الجامعة، فقد عملت الجامعة برنامجا علميا لهؤلاء بدأ عام 1425ه هدفه رعايتهم وتوفير بيئة علمية لهم، وأيضا تقديمهم للمجتمع علماء بارزين في المستقبل. جامعة الملك فهد احتلت المرتبة 89 عالميا في مجال بحوث الهندسة حسب تصنيف شبكة ISI المعرفية للتخصصات الهندسية وكذلك المرتبة الأولى عربيا حسب هذا التصنيف. أحمد لمعالي مديرها كل هذا الجهد وننتظر منه المزيد، وأحمد لمعالي الوزير دعمه لجامعاتنا، ولخادم الحرمين الشريفين الذي جعل همه الأكبر النهضة بهذه البلاد في كل اتجاه. * أكاديمي وكاتب للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة