يصعب الحديث أحيانا عن بعض الشخصيات التي تحمل قيمة اجتماعية ورسمية وإنسانية، وهذه صفات من الصعب أن تجتمع في شخص واحد. لن أضيف جديدا إن قلت إن سيد الوفاء الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض لديه هذه الصفات وأكثر، فرجل يحمل أحلام وهموم وآمال منطقة بحجم الرياض بتعقيداتها السكانية والاجتماعية والجغرافية، بل وحتى «الطقسية»، ويدير كل ذلك ببراعة متناهية منذ عدة عقود ليزيدها شبابا عاما بعد عام بذاكرة متقدة «ماشاء الله تبارك الله» تجعل من هذا الرجل شخصية استثنائية. عندما تشرفت بلقائه منفردا لأول مرة في مكتبه في الإمارة لم أفاجأ عندما بادر بالسؤال عن بعض أعمامي لأن أبا فهد أحد أكثر الرجال معرفة بأنساب الأسر السعودية تعود أن يستقبل الناس هاشا باشا بكل تواضع الكبار. تذكرت موقفا لن أنساه مع أمير الإنجاز والحكمة والوفاء والتواضع سلمان بن عبد العزيز عندما طلب مني وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة الأسبوع الماضي أن أعد برنامجا مباشرا أف. أم «صوتك وصل».. وهو البرنامج الذي نال شرفا لم يسبقه إليه أحد عندما وجه خادم الحرمين الشريفين بعد أن استمع إليه بأن يكون تحت رعايته المباشرة... أقول تذكرت موقفا لا أنساه وليس بحاجه إلى تعليق فهو أبلغ من أي تعليق. اتصل أحد مواطني إحدى المحافظات شاكيا المحافظ ووكيل المحافظ ورئيس البلدية، وعندما قلت له ستجد حقك إذا لجأت إلى أمير المنطقة الأمير سلمان بن عبد العزيز. ولا أخفيكم أنه بعد انتهاء الحلقة اتصل صديق الإعلاميين عساف أبو ثنين مدير عام مكتب سموه يطلب تسجيلا للحلقة، وتصادف ذلك مع دعوة تلقيتها من وزارة الإعلام الكويتية ضمن تبادل المذيعين وجدتها فرصه للابتعاد عن البرنامج قليلا حتى تهدأ الأمور. بعد أسبوعين عدت لأفاجأ وأنا لازلت في مطار جدة بصديق البرنامج «الزلفاوي» يلح في الاتصال وأنا لا زلت أجهل ما حدث له بعد الحلقة، لأجد المفاجأة عندما قال بصوت يضج بالفرح إن الأمير سلمان استدعاه واستقبله في مكتبه على انفراد ليقول له «لقد استدعيتك ولست غاضبا من كلماتك، بل إنني غاضب لأن مظلمة وقعت عليك ولن يهدأ بالي حتى يتم إنصافك، ولك أن تختار لجنة من مسؤولي الإمارة ممن تثق بهم وأعدك أنني سأوقع على التقرير الذي سيكتبونه عن مشكلتك إن كان هذا الحل يرضيك. وأتمنى أن تبلغ سلامة الزيد بما جرى بيننا ليذاع على الهواء». لا أخفيكم أنني لم استغرب هذا الموقف المسؤول من حاكم مسؤول شهد ويشهد له القاصي قبل الداني بالإنصاف وممارسة الإدارة بمهنية ومسؤولية. وأذكر أنني قلت ليلتها وعلى الهواء موجها حديثي إلى بعض أصحاب المعالي الذين كان النقد يرفع ضغطهم قليلا «هاهو سلمان بن عبد العزيز يعلمنا جميعا درسا في ممارسة المسؤولية، وعدم التشنج أمام النقد والتعاطي مع الإعلام بموضوعية».