القرون المظلمة الوسطى، تعود من جديد. لجان وجلسات استماع، ونقاش مفتوح حول إمكانية الآخر تحديد معتقده الديني، واستفتاء «حر» حول حرية تسقط تحت فخ التصويت لنزعها إن كثرت الأصوات. أوروبا، المتمثلة لنا، بدور منها، وبجور من الذين رسموها في مخيالنا الهش، قارة الحريات العجوز. تفجؤك بضربات في صميم الحرية، في تنظيم مجتمعاتها، تحت زعم «الديمقراطية»، للسير نحو غوغائية متعصبة غير راشدة، تصوت ضد مآذن في سويسرا، وحجاب في ألمانيا، ومساجد في فرنسا، ووجود إسلامي مكتمل في انجلترا. أخيرا، أظهر استطلاع للرأي أن نسبة الفرنسيين التي تعارض ليس إعلاء المآذن، بل تعارض بناءها في ازدياد. من 22 في المائة سنة 2001، إلى 41 في المائة في استفتاء أخير. وفي ظروف، تشير إلى توقعات بفوز اليمين المتطرف في أكثر أوروبا، كما هو الحال القائم في إسرائيل، المتوقع في أمريكا، في الكونغرس المقبل تحديدا. **** أبسط وأقدم الحقوق التي مارسها الإنسان، حق الحرية الدينية، وهو بالنسبة للإنسان المسلم في الشرق الأوسط، المعايش منذ آلاف السنين وجود الكنيسة والمسجد جنبا إلى جنب، وصلاة الأحد وأجراس الكنائس متناغمة مع صوت الأذان وصلاة الجمعة، واضح ومحقق وموجود. ولهذا يبدو القرار السويسري ضربا من عنصرية مقيتة ضد الإسلام والمسلمين. الغرب الذي تغنى باحترام هذه الحقوق، وادعى ممارسة الضغوط على الدول الأقل «تحضرا» من أجل احترامها، وهو نفسه الذي أخذ حقا بإصدار قوائم بأسماء بلدان تشهد تمييزا دينيا ضد بعض أتباع الديانات الأخرى، لم يتحرك لإضافة سويسرا إلى البلدان التي تمارس التمييز الديني ضد أتباع دين آخر، ولم تنتقد الجدل الدائر بحق المسلمين في فرنسا وأوروبا، وهو بحد ذاته تمييز عنصري ضد المسلمين المواطنين في تلك البلدان. والمفترض أنهم يتمتعون بحقوق المواطنة كافة، بما فيها حرية العبادة والانتماء الديني. الحضارة الغربية قائمة على إبادة الإنسان الأصلي، واستيطان أرضه واستملاك ثرواته، بعد نعته بالتخلف والبدائية والجهل، تبريرا لقتله وإبادته، بينما يقوم المنهج الإسلامي على التعايش والتثاقف، والثقة في الآخر، السويسري هنا، المؤتمن على مليارات الثروات الشرقية في مصارفه، ليظهر بعد ذلك، وهو لا يطيق رؤية جامع بمئذنة، ولا فتاة بحجاب، أو نقاب. [email protected]