في نهاية كل عام أقوم بعملية جرد سنوي لنفسي في آخر يوم من كل عام أتوغل في أرخبيل الذكريات، أبحث عن وشم العام الماضي في قلبي، أستمع إلى أيامي الماضية قبل أن تتسرب مني كأغنية عاطفية، أفتش في ما مضى عن كل شيء كأنني أفتش عن إبرة في الظلام، أهز الحبال وأقرع الأجراس وأحلل الحروف المقلوبة وأخض المياة من الجانبين وأفرش نفسي أمامي وأبدأ آكل من فتاتها كشيخ بلا عمر، وأوجه الروح بقوة الصولجان وخلوة الصحراء اليابسة، وأغني مع فيروز ((صباح ومسيى شي مابيتنسى))، أتذكر لحظة تمنيت أن أعيشها ألف مرة ولا أشبع منها أبداً وأخرى خانني لساني فيها كنت في أشد الحاجة إليه وأبحث عن أشخاص رحلوا وتركوا لي زفرة الجحيم وغابات الوجع، أتذكر صعوبات كابدتها ساعدتني على أن أصبح الشخص الذي أنا عليه هذا العام، أتذكر من جعل مشاعري تحتقن ومن جعل أظافري تقصفها الحجارة ومن جعل بقعة الحزن طعنة على عتبة نفسي .. من جعلني أمص الألم وأبصقه وأخذ مني دفئي اليومي وخبز راحتي وترك لي مذاق الحموضة .. من جدد وجداني ومسح بضحكته وجعي ومن نصب لي فخاخا من الكلام وسرق وقتي ومالي (( أتذكر من لاقيتهم ومروا دون أن يتركوا في نفسي شيئا يذكر وآخرون تركوا أثراً سلبيا بحيث لايأتي ذكرهم إلا مصحوبا بالاستعاذة من رؤيتهم حيث كانوا كريح الكارثة دخلوا حياتي عنوة ودمروا كل ما اعترض طريقهم ومضوا ومن مروا ولكنهم تركوا أثرا إيجابيا ومثل هؤلاء لايرحلون لأن مايتركونه من آثار تجعلهم حاضرين)) أستعرض كل ذلك الجرد السنوي بصمت وهدوء تامين متذوقا طعمهما باطنيا وحتى لا أشوش سكون الزمن، ثم أبدأ في إحصاء هزائمي وانتصاراتي وتأنيب نفسي على أشياء كان لايصلح أن أفعلها أو أقولها وأهنئ نفسي عن أفعال خيرة صنعتها لنفسي وللآخرين .. أراجع نفسي على مواقف محرجة وأخرى نبيلة وبعد هذه العملية من الجرد السنوي أخرج صافيا لأستقبل عاما جديدا يكسوني عشبا يخصب تربة القلب بعد أن أكون قد أسقطت الكثير من الرخصاء والخبثاء والمتلونين والمبتذلين المبتزين والأخساء ومن يمارسون السلب المبطن وأبقي على القليل من النبلاء وأنا أحرضك عزيزي القارئي أن تمارس هذه التجربة .. لاتخف من ذاتك من عالمك الداخلي من الآم تحاول أن تتجنب لقاءه مع نفسك لاتجعل الوقت للغفلة ولا تستهين بنعمة الحياة أنت لست بحاجة إلى اكتشاف أشياء جديدة بقدر حاجتك إلى اكتشاف نفسك من خلال هذه الرحلة (( رحلة مع الروح في عام )) لتعرف حقيقة إلى أين أنت تسير وما فائدة الطريق إن كان لايؤدي إلى إتجاه معين بل وما جدوى عمل تقوم به كل يوم لا نفع فيه والاجتماع بأناس لا تحصد من الاجتماع بهم غير الآسى. إن لحياتك معنى بل يجب أن تكون مملوءة بالمعاني ولن يقيم كل ذلك أحد سواك ولن ينوب أحد عنك في القيام بذلك الجرد السنوي ودونه تأكد أن حياتك ستصبح ارتجالا يومياخالية من الجوهر وسترى الجمع كل الجمع مسرعين كل إلى مبتغاه وأنت على جانب الطريق ملقى تحمل همومك وتترك عينيك للدمع حيث ينهمر الوقت على الوقت وتطوي دروب الألم شوكة شوكة فلا ترى سوى الأوغاد الذين غدروا بك أوضللوك أو أساؤوا إليك أو نزعوا منك أجمل ما فيك ثقتك بالحياة والناس وهم يقهقون بقية العام أو بعضه .. كم يوجع الصدق .. هل أكمل !! للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 134 مسافة ثم الرسالة