أصبح العالم في وقتنا الحالي معتمدا على الطاقة الأحفورية في تسيير معظم منشآته الصناعية والزراعية وحتى في حياته اليومية. لكن هذه الطاقة لها سلبياتها الكثيرة والتي في مقدمتها التلوث الكبير للبيئة، وتناقص هذه الطاقة في جوف الأرض وأعماق البحار، ليأتي اليوم الذي ربما تصبح الكميات الموجودة لا تكفي لحاجة المجتمع العالمي. هنا يأتي الحديث عن البدائل من مصادر الطاقة الأخرى المتجددة والتي ينبغي أن تشارك الطاقة الأحفورية في مواصلة التقدم في حركة الاقتصاد والتطور، وتخفض الطلب المتزايد على البترول. فالطاقة الشمسية خيار مطروح ووارد أن يثبت جدواه الاقتصادية في المستقبل القريب ولا خوف عليه من النضوب. لذا يرى العديد من المحللين لشؤون الطاقة أنه خلال العقدين المقبلين من الزمن سيكون هناك توسع في المشاريع التجارية التي ستستغل الطاقة الشمسية بديلا قويا للنفط في توليد الكهرباء. وإذا عرفنا أن الإشعاع الشمسي يعتبر مصدرا مباشرا وآمنا لعدد من مصادر الطاقة المتجددة، حيث إن توافر هذه الطاقة يفوق وبشكل كبير مصادر الطاقة الأحفورية (البترول)، إذا عرفنا ذلك وجدنا الإجابة على التساؤل الذي يدور حول ماهية البديل الأفضل للنفط. فمعلوم أن الشمس ترسل للكرة الأرضية طاقة بحجم يفوق الاستهلاك السنوي العالمي من الطاقة الأحفورية (النفط) ب 15000 مرة. إن المصادر الشمسية للطاقة تتمتع ببعض المزايا التي تجعلها البديل الأفضل والأكثر أمانا للبشرية من مصادر الطاقة الأحفورية النفطية والنووية. كذلك فإن الطاقة الشمسية حين تحويلها إلى طاقة ومادة ثانوية أو على شكل حرارة أو كهرباء أو وقود، فإنه ليس لها أي انبعاث إلا بدرجة ضئيلة لا تشكل خطرا على البيئة. والطاقة الشمسية موجودة في كل مكان وزمان من العالم، وبذلك تتجنب البشرية الخوف من الاحتكار واستخدام الطاقة الأحفورية كعامل ضغط ومساومة. ولاستخدام الطاقة الشمسية نحتاج إلى تقنيات التحويل للاستعمال المحلي، ويمكن استغلاله واستعماله في عدد كبير من وحدات التحويل الصغيرة، والتخلي عن عدد كبير من المشاريع الكبيرة من التحويل للطاقة. كذلك فإننا باستخدام الطاقة الشمسية سنتمكن من الاستغناء عن نقل وتوزيع الطاقة الكهربائية عبر مسافات طويلة وتعويض ذلك بوسيط محلي أو الإنتاج الذاتي، وهذا يمثل التحرر من التبعية الحيوية لاقتصاد المصادر الأحفورية وإمكانية إعادة الترابط بين مناطق تحويل المصادر الأولية ومناطق استهلاك المصادر والتي تقودنا إلى تساو أكبر لحظوظ التنمية الاقتصادية لكل المناطق. ونحن ننعم بفضل من الله بنسبة عالية من الطاقة الشمسية مقارنة بأي جزء من العالم. وقامت المملكة في هذا المجال بخطوات علمية حثيثة إذ أنشأت مركز أبحاث الطاقة المتجددة في إحدى الجامعات السعودية ومن أولوياته البحث المستمر في مجال الطاقة الشمسية على وجه الخصوص. فالمملكة تقع في المنطقة الأولى لقوة تمركز أشعة الشمس مما يؤهلها لإنتاج كميات كبيرة من الكهرباء المتولدة عن الطاقة الشمسية. وفي هذا المجال يذكر أنه جار حاليا نشر الخلايا الشمسية لإنتاج الطاقة الكهربائية في مشروع جامعة الملك عبد الله. كما أن شركة أرامكو بدأت باستغلال الطاقة الشمسية قبل 30 سنة من خلال القرية الشمسية التي أنشأتها في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية. إن استغلال الطاقة الشمسية في المملكة له مستقبل كبير وواعد عند توافر الدعم السخي لبرامج الطاقة النظيفة بشكل عام وبرامج الطاقة الشمسية بشكل خاص. فجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا تقوم حاليا بالعمل على مشروع ضخم في هذا المجال في تحالف قوي بين شركة أرامكو السعودية وشركة كونرجي الألمانية. إن التوجه نحو الاستثمار في مشروع الطاقة الشمسية وغيره من المشاريع المماثلة لن يؤثر سلبا على إنتاج النفط بل على العكس، لأنه سيزيد من الصادرات السعودية من النفط حيث سيقلل من استخدام النفط محليا وبيعه على العالم الخارجي. كما أنه قد يحول المملكة في المستقبل المنظور إلى بلد مصدر لهذه الطاقة المتجددة إلى جانب التقليل من اعتماد الاقتصاد السعودي على البترول مع اكتساب المملكة لتكنولوجيا الطاقة الشمسية. شوق بنت محمد التويجري قسم اقتصاد، كلية إدارة الأعمال