لا يزال كتاب صحفيون محترمون أو أنني أحسبهم كذلك، يلفون ويدورون مثل «جمل المعصرة» حول أنظمة المعاشات من تقاعد وتأمينات، مطالبين بتحويلها إلى نظام إرث شرعي يتم توزيعه على الورثة المستحقين حسب الحصص الشرعية وهؤلاء الكتاب يظنون أنهم يحسنون صنعا بمطالبتهم، وما علموا أنهم بها يؤذون معظم أصحاب المعاشات ويؤذون أنفسهم إن كانوا في الحاضر أو إنهم سيكونون في المستقبل من أصحاب المعاشات، ويظهرون بذلك جهلا ذريعا بالأسس المدنية التكافلية التي أنشئت على قواعدها أنظمة المعاشات وهي في مجملها أنظمة عالمية تضمن الحد المناسب وأحيانا الأدنى من العيش لصاحب المعاش والمستحقين له بعده، ولم يقل أحد إن المعاش إرث تطبق عليه الحصص الشرعية! ولكن الذين يناقشون هذا الأمر بغوغائية أو بعيدا عن فهم الواقع يريدون أن يجعلوا من المعاش إرثا لا ينتهي ولا ينضب يأخذ صاحبه في حياته وتأخذه ذريته وأزواجه من بعده وكأنه كنزلا يفنى، مع أن أي إرث حتى لو كان مثل مال «قارون» لابد له أن ينضب، أما الشيء الذي لا ينفد فهو كلمات الله وملكوته العظيم أما ما عند البشر فهو نافد قل أو كثر «ماعندكم ينفذ وما عند الله باق» ومع ذلك فلو جارينا هؤلاء الغوغاء في تصوراتهم الضحلة حول المعاشات وأردنا أن نجعلها إرثا مثل أي إرث وكان لدينا موظف بدأ حياته قبل أربعين عاما براتب قدره ألف ريال وانتهى إلى المعاش براتب قدره عشرة آلاف ريال وافترضنا أن متوسط راتبه خلال سنوات خدمته ستة آلاف ريال وأن ما كان يدفعه قسطا شهريا للتقاعد هو خمسمائة ريال ومثلها من جهة عمله فيكون ما يدفعه سنويا اثني عشر ألف ريال سنويا في أربعين عاما بمجموع قدره أربعمائة وثمانون ألف ريال فإذا أضفنا إلى هذا الرقم مثله من الأرباح الاكتوارية المتوقعة فيصبح المجموع الكلي لما دفعه مع الأرباح في أربعين عاما تسعمائة وستين ألف ريال، مثل هذا الموظف لو عاش بعد تقاعده ثماني سنوات فقط لا غير فإنه يستهلك المبلغ الكلي لأنه سيصرف له معاش شهري قدره عشرة آلاف ريال أي مائة وعشرون ألفا في العام، وإلى غد إن شاء الله تعالى!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة