في الصفحة الثانية من عدد صحيفة الوطن الصادر يوم الخميس الموافق 16/12/1430 ه، أشار الكاتب إسلام محمود إلى أن هيئة الرقابة والتحقيق قد قامت بدراسة وإنجاز 1169 مخالفة مالية وإدارية العام الماضي، ونحو 848 قضية رشوة، و5629 قضية تزوير، و64 قضية اختلاس، و101 قضية تتعلق بإساءة استغلال النفوذ، و179 قضية تزييف نقود. هذه من وجهة نظري ونظر كل مواطن شريف في هذا الوطن قضايا مخيفة وبشعة، ولكنها في منظور ما بعد يوم الأربعاء الموافق 8/12/1430 ه، وهو اليوم الأسود بالنسبة لمن كانوا يسمونها بالعروس (مدينة جدة) وما كشفته عن إزارها الأمطار من فضائح كارثية في الأرواح والممتلكات، والبنية التحتية الهشة التي أذابتها قطرات من المطر لم يتجاوز معدل هطولها ثلاث ساعات، أقول: إن الأرقام التي كشف عنها الكاتب إسلام محمود بالنسبة لما كشفته أمطار مدينة جدة لا يقارن بانكشاف المخبأ والمستور من الغش والتدليس والفساد الإداري الذي أزعج هذا الوطن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، وعلى رأس هذا الوطن خادم الحرمين الشريفين الذي ضمد الجراح وواسى المكلومين بأوامره الكريمة الصارمة في محاسبة كل الجناة الذين تثبت خيانتهم للوطن والدولة، بما لا يتصوره إنسان لديه ذرة من إيمان أو ضمير أو ولاء. وكمثال على ذلك ما أشار إليه الأستاذ عبده خال في عموده اليومي في هذه الصحيفة في عددها الصادر أيضا يوم الخميس 16/12/1430 ه، حول مشروع الصرف الصحي الوهمي الذي وضع منفذوه أغطية بيارات فقط دون وجود مواسير تصريف، بالإضافة إلى مشاريع أخرى وهمية كثيرة تم تسليمها للجهات التي يعنيها الأمر وهي ليست وفق الشروط المتعاقد عليها، رغم رصد ميزانيات ضخمة لها. وهذا يجرني إلى الحديث عما يسمونه «المقاولات من الباطن» وهي المقاولات التي يبيع فيها المقاول المشروع إلى مقاول آخر بعد أن «يلهف» ما تيسر له من الملايين وهو على مقعده الوثير وفي مكتبه الأنيق، ولا تقف العملية عند هذا الحد بل إن المقاول الثاني يبيع المشروع على المقاول الثالث، وهكذا يستمر المسلسل إلى أن يصل إلى حثالة المبلغ المعتمد. وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فقد تذكرت وأنا أكتب هذه السطور عطف وحنان والد هذا الشعب وقائد مسيرته الملك عبد الله بن عبد العزيز يحفظه الله وأمره ببناء عشرة آلاف وحدة سكنية للنازحين والمتضررين من أبناء القرى الحدودية في منطقة جازان، وتذكرت أن هذه الوحدات بعددها الضخم هي في مخيلة خادم الحرمين الشريفين مدينة هائلة يجب ألا تخضع لمتاجرة الطامعين والجشعين ومن تعودوا على لهف الملايين بل والمليارات عن طريق المقاولات من الباطن، هذه مدينة تجسد حلم قائد عظيم ويجب أن تكون نموذجية في كل شيء؛ في المواصفات والمصاريف والنزاهة وإبراء الذمة، وقطع دابر الذين يسيل لعابهم ممن لا يؤمنون بتغير الزمن، ولا بشيء اسمه الوطن. للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 101 مسافة ثم الرسالة