يشكل الحوار البداية الحقيقية للدخول للعصر والعالم. ومن الحوار تضيء الكثير من المحاور والأفكار والرؤى. ولأن «مؤسسة الفكر العربي» معنية بتكريس أدبيات هذا الحوار، جاء المؤتمر السنوي الثامن للمؤسسة (فكر 8) تحت رعاية أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بحضور صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل رئيس المؤسسة، ليؤكد أن الفكر الذي دعت وتدعو إليه المؤسسة هو فكر يساهم في نهضة وتقدم العالم العربي، ويخرج هذا العالم من دوائر التخلف الفكري والثقافي والاجتماعي، وذلك من خلال صياغة مشروع فكري يساهم في صياغته نخبة من المفكرين العرب وهو ما حمله تقرير التنمية الثقافية الأول والثاني على السواء من خلال البحث في كل القضايا التي تقوم عليها نهضة الأمم والشعوب والمجتمعات. إن انتقال مؤتمرات «مؤسسة الفكر العربي» إلى كل العواصم هو تعميق لفكرة توسيع دوائر المساهمة الفكرية والثقافية.. وهو ما سيتحقق أيضا من خلال إقامة «قمة ثقافية عربية» بالترتيب والتنسيق مع الجامعة العربية كما أعلن ذلك الأمير خالد الفيصل وهي الفكرة التي أعلنها في فكر (8) في الكويت. أما الأفكار والمحاور والقضايا التي حملها تقرير التنمية الثاني فقد ساهم في كتابتها وصياغتها نخبة من الباحثين والمفكرين العرب، وقد تركز التقرير على محور «المعلوماتية أفق بلا حدود للتنمية» الذي يضيء الفجوة الرقمية في البلدان العربية وحاضر ومستقبل المعلوماتية، ويركز هذا المحور على استخدام «الكمبيوتر واستعمال الإنترنت» وقراءة للمواقع الثقافية العربية في حين تناول محور التعليم قضية التمويل واستقلالية الإدارة في التعليم العالي الذي عالج مسألة التمويل وعلاقة هذا التمويل بالجامعات ومدى تأثر التمويل بأداء الجامعات سواء في التخصصات العلمية أو تقلص عدد أساتذة الجامعات وغيرها من القضايا التي ركز عليها هذا المحور. أما الإعلام فحظي باهتمام في التقرير العربي الثاني للتنمية الثقافية، حيث قرأ الخطاب الثقافي في وسائل الإعلام بين المضمون والوسيلة من حيث توجه هذا الخطاب لنقد الآخر ممثلا في الغرب، إضافة إلى توضيح العلاقة ما بين السلطة السياسية والثقافية. وعلاقة المثقف بهذه السلطة ومحاولة البحث عن موقع هنا .. أو هناك بحثا عن أداء دور يتلاءم ويتناسب وعقلية الثقافة التي ينتمي لها المثقف العربي سواء الانضمام إلى ثقافة السلطة أو جعل هذا المثقف وثقافته جزءا من منظمومة الثقافة الغربية.. وقد حمل التقرير محورا كاملا وشاملا عن الرواية العربية والسينما والمسرح فيما حمل التقرير في محوره الأخير الحصاد الثقافي والفكري السنوي وهو متابعة للنشاطات الثقافية والفكرية والفنية والإبداعية في العالم العربي ومسح كامل لمجمل ما جرى على صعيد المعرفة (حلقات ونقاشات وقضايا نظرية). وجاء هذا الحصاد مركزا على ضعف الحضور الفكري مع الاهتمام بقضية «المجتمع المدني» وتسليط الضوء على مسألة الترجمة وضرورة الاهتمام بترجمة اللغات ونقل ثقافات أخرى مثل الهندية واليابانية والصينية لحاجة المكتبة العربية لتلك الثقافات. إن «مؤسسة الفكر العربي» تملك من الطموح ما يجعلها تقدم رؤى وأفكارا للمستقبل يتمثل ذلك في انتقال مؤتمراتها من عاصمة عربية لعاصمة أخرى، وفي تقاريرها المقبلة التي يعمل على كتابتها نخبة من المثقفين والمفكرين وأصحاب الرأي.. وهو يجعل المؤسسة أكثر نجاحا إلى قراءة ومعالجة الكثير من القضايا والمسائل المهمة في الوطن العربي.