أتمنى ممن يقرأ كلماتي هنا، أن يحسن الظن بي قليلا وألا يسحبني بشكوكه إلى قوائم التجاوز والمتجاوزين، فأنا كنت سأصبح مشروعا لمتجاوز مقبل لكني فشلت، وذلك لأني لا أملك قاعدة علاقات تتمدد في كل مكان، وليست لدي الجرأة، والأكثر من ذلك أني لا أعرف من دروس التجاوز سوى درسين أو ثلاثة تعلمتها سماعيا دون أن أجد فرصة مواتية لأطبقها وأجنى ثمرها. أنا مشروع متجاوز صغير تعلم درسين «على الماشي» لكنه ظل الطريق إلى هنا، فطرد من مدرسة الكبار! يقول لي، كثير المال والعقار والعلاقات وأنا أرخي له السمع: أول قانون تتعلمه هو أن راتب وظيفتك الذي تقطفه نهاية الشهر لن يشبعك لذتك، ولن يسكت احتياجاتك ولو تجاوز الخمسين ألفا.. ابحث لك مستقبلا عن أنبوب مالي آخر يجري من تحت مكتبك وتأكد أن الأمانة الزائدة «ما راح تنفعك»! كلام كهذا يسيل اللعاب، ويجعلك تطبطب على جيوبك العلوية، وتبحث في سجل الهاتف عن أسماء ثمينة يمكن أن تساعدك في الطبخة، وتدلك على أسهل المشاريع الجاهزة للنهب وأقربها توقيتا وأبعدها عن أعين الرقابة. والقانون السابق أبصم برأس قلمي أن الناس كلها تعرفه، وتعرف من يسلك طريقه؛ لكنها أصبحت تراه أمرا طبيعيا ومن شطارة العمل، مع كل الأسف. ولا تقف الدروس في طرق أبواب التجاوز عند ذلك القانون، بل أعرف منها الكثير ابتداء ب «تشبيك» وتوطيد العلاقة مع المسؤول المالي في الإدارة التي أتبعها مستقبلا إلى تشكيل لوبي قوي يشتمل على موظف من كل قسم، إضافة إلى مسؤول أقوى في الإدارة الأم التي أتبع لها، والأخير أجد طريقي إليه بواسطة علاقة خارجية حتى أضمن سلامة الموقف وعدم كشف مخططاتي إذا ساءت العلاقات مستقبلا. أعرف أيضا كيف أبدأ التواصل مع شلة أصدقاء المناقصات والمشاريع ممن لهم باع طويل في الخدمة وما وراءها؛ لأحجز لي موقعا في قائمة المناقصات التي ينوون الدخول إليها، وهي بالمناسبة تتم على أساس من العدل والمساواة بتدويرها بينهم لضمان أن يتذوق الكل طعم الكعكة، ودخولي شريكا معهم يعني أني سأضمن الحماية وسأكتسب خبرة في إدارة مشروعي الفاسد لأكل أموال الناس. أعرف لعبة الفواتير البيضاء المختومة، أعرف لعبة البنود وترحيل أموالها من بند إلى آخر ثم إلى الجيب. أعرف كيف أتفق مع مقاول على تحويل مشروع بعشرة آلاف ريال إلى آخر بمئات الألوف ولكن على الورق، وأعرف كيف أضمن حصتي من الصفقة. أعرف كيف أدير اجتماعات الليل وأوقع الأوراق قبيل الفجر. أعرف كما تعرفون أنتم كل شيء، لكن تنقصنا الخيانة وموت الضمير والاستهتار وانعدام المسؤولية؛ لذا فلن نستطيع. نحن متورطون ب«الأمانة» وبالخوف من العواقب لذلك فشلنا. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة