(1) لي قلم نحيل من بلاستيك، فمثلي لا يعرف كيف يحمل قلما من ذهب أو آخر مزروعا على جسده ألماس وكريستال. لي قلم يخاف أن يجابه من يكبرونه عملا، أو أن يلعب في مرماهم أو حتى أن يجرحهم بحرف صغير جدا. لي قلم جبان، جبان جدا في مواجهة من يستهتر بأرواح أناس من لحم وعظم ودم، فقلم من بلاستيك لن يحرك طرف شعرة في جسد ظل ساكنا وهو ينتظر ويرقب كارثة أهلكت الأرواح والأرض وهزت كل إنسان. .. فأنا صغير وضعيف وجبان أمام هكذا أمور. فسامحوني. (2) أكتب لكم متأخرا جدا، فأنا لم أكن في حضرة جدة وهي تغرق، كنت بعيدا جدا وعلى النقيض تماما حيث مكة ترعى مئات الآلاف من البشر تحت أعين جميع قطاعات الدولة. كان التنسيق يسير بينها بالاتفاق، وتنظيمها يفوق كل قوانين الإدارة. تجربة مكة في الحج تتجاوز زمنها بمراحل إلى الأمام لكنها تنتهي وياللعجب في مكانها ووقتها وينفض بعدها السامر ويذهب كل لحاله.. ولذلك غرقت جدة، أتعلمون كيف؟ لأن كل قطاع في جدة وغيرها من مدن وطني يعمل على «كيفه»: يجيز الأول مخططات البناء في الأودية والثاني يراقب وفي يده فنجان قهوة ساخن، ويماطل هذا في مشاريع كانت لتمنع كارثة كسيول جدة، فيما ذاك يتمتع بقراءة إنذارات التحذير ويخزنها بعد الفراغ منها في الأدراج السفلى لمكتبه. هكذا سارت جدة على طريق الإهمال وطريقة التفكير المؤجل الذي لا يبدأ إلا بعد نزول المشكلة. وهكذا عاشت جدة قصة طويلة مع قطاعات تحب تلميع نفسها بالمشاريع الزائفة وهكذا صارت جدة بعدهم: غارقة في سوءاتهم، مكلومة بجثث بشر. (3) أشعر وأنا أقرأ قصص جدة أن كل قطاع يشتغل لنفسه، ويغطي على نفسه، ويضحك على نفسه، ويجني بنفسه على أرواح أناس ذنبهم أنهم كانوا جزءا من مشاريعه! وفي اعتقادي فإن المشكلة لا تتعلق برقبة قطاع واحد بقدر ما هي موزعة على مجموعة. وجدة عندما غرقت فهي إنذار مبكر لكوارث قد تحدث غدا في الشرق والشمال والجنوب ومرة أخرى في غرب وطني بسبب الإدارات التي تغني على هواها.. وهكذا أقرأ. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة