لم تكن انفلونزا الخنازير حاضرة، ولم يصب أحد في حملتنا بها، كل ما أثير حوله ثورة إعلامية لم نشعر بها طوال الخمسة الأيام الماضية، كنا نلتقي في المخيم نصافح بعضنا ونتحلق حول داعية في مسجد المخيم يشرح لنا كل تفاصيل النسك، حملات حجاج الداخل هذا العام لم تكن مزدحمة ففي كل خيمة ستة أشخاص، وذلك هو نصف عدد كل عام، فما سبق الحج من رهبة لوباء الانفلونزا قاد إلى عزوف البعض من الحجاج، كان موسم هذا العام مختلفا بكل ما فيه، فيوم التروية هطلت قطرات المطر فوق منى لتضفي لأجوائنا متعة وروعة، ومع صبيحة يوم عرفة تحركنا في حافلة تقل 45 راكبا كانت حركة المرور متسمة بالانسيابية والمرونة، فلم يمض علينا سوى ساعة حتى حططنا ركابنا في عرفات وهناك لم يحدث ما يعكر صفونا، رجال الأمن في كل مكان وخدمات التغذية متوفرة والأجواء معتدلة، مكثنا هناك حتى غروب الشمس، لننطلق مع نفرة الحجيج والتي لم يمر على مواسم الحج مثيل لها، ساعات بسيطة وإذا بنا على مقربة من المشعر الحرام في مزدلفة لنؤدي صلاتي المغرب والعشاء ونخلد للنوم، هنئ لم يسبق لنا شبيه له، كان مما أثار دهشتنا ما بين عرفة ومزدلفة تلك الأعمدة المزروعة على امتداد الطريق 1200 عمود خرساني وهي مخصصة لقطار المشاعر الذي سيدخل حيز التنفيذ العام المقبل. وفي صباح العيد انطلقنا صوب جمرة العقبة وفي طريقنا إليها كنا نتوجس خيفة من الزحام هناك لكن الواقع كان مختلفا فالجمرات باتت منشأة ضخمة مهولة ذات مداخل متعددة ومخارج متعددة مما سهل علينا الرمي باكرا دون زحام ومن ثم التوجه صوب الحرم المكي الشريف والذي حولته المشاريع التطويرية من توسعات إلى مكان واسع لا زحام فيه، وما شدنا في الحج كثافة رجال الأمن وتواجدهم في كل طرقات الحج لضبط الأمن، مما حال دون وقوع أي منغصات فيه. هذه قصة حجنا وهذا ما حدث.