عاد... ولكن، بأية حال؟.. لم نلتقط أنفاسنا بعد، ولم نتهيأ لقدومك، ما أعددنا أنفسنا لاستقبالك، فما زال زمننا العربي شاحبا، وفرحته مبتورة، وأحلامه مصادرة أو مشنوقة على مساحات انكساراتنا.. عاد.. وما زال الأقصى في صمته يئن، وبغداد تجاهر بجراحها والتواء يدها منذ انقشاع أبناء «شتراوس»، والسودان ينعى حاله، وما زال الصوماليون غرباء في وطنهم؛ غرباء في شتاتهم.. عاد.. وابتدعنا نمطا جديدا من التناحر والتنافر، فالعربي من طراز 2009 برع في الخلاف والاختلاف حتى في ميادين الكرة، ألا يكفي الوجدان ما فيه من الأحزان، وفي الشغاف من هموم.. تسكننا إحباطاتنا، وتكسرنا جراحنا، ويفرقنا شتاتنا؟.. عاد.. ونحن كما نحن، غارقون في فوضى اللاسلم واللاحرب. ولا نعلم أنفرح لإطلالة العيد، أم نندب واقع الانتكاسة العربية واحتراب أهلها إن اختلفوا على حرف عِلة أو جزم أو حتى كرة قدم؟.. ولا نعلم، إن كنا سنلقاه بالتجهم والعبوس، لنرى فيه أنه مساحة زمنية تمر، لا تنفع ولا تضر، ولا تحزن ولا تسر؟.. لله درُنا. أفلا يمكننا التساؤل الآن، عما إذا كانت الحروب التي شنتها إسرائيل دون توقف، منذ 48 وحتى اجتياح غزة، مهدت الأرض المحروقة، لحروب جديدة حول المجاز والتأويل؟، بدل أن تمهد لنوع قديم من السلام تفرضه «عدالة» المنتصر وخنوع المهزوم؟ ما يدخلنا في متاهة أن الحروب الجديدةملغزة وتستعصي على فهمنا ومداركنا. عاد... وما نعده اليوم أزمات سياسية واقعية قائمة، تنسب في نشأتها إلى مرحلة. وتفسيرها أنها لم تك بتلك الخصوصية التاريخية في بداياتها كما نحسبها، هي أزمات تنتمي إلى الوضع العربي الراهن، وتجعله دون مستوى تاريخه المعاصر، وقد فصلت الآن على مقياس الواقع العربي. إن السمة الانتقالية لتلك اللحظة المثقلة بالدلالات، حين لا تزال الملفات متشابكة ومعقدة، هي التي تؤرخ لولادة أسئلة عيد جديد، نطمح، بتهيب، إلى افتراضه في هذا السياق. فياعيد.. ما ظلمتنا ولكننا ظلمناك.