بعد أن عاشت سكونا دام 24 ساعة عادت مدينة الخيام البيضاء إلى حيويتها المتدفقة فجر اليوم (العيد)، توافدت عليها جموع الحجيج القادمين من مزدلفة بعد النفرة من عرفات مهللين مكبرين فرحين تحفهم السكينة والطمأنينة متجهين صوب جمرة العقبة لرميها بسبع حصيات ومن ثم أداء طواف الإفاضة. وتأهبت كافة القطاعات والأجهزة المعنية لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن بتجنيد عشرات الآلاف من الكوادر البشرية والآليات. وأوضح نائب قائد قوات أمن الحج اللواء يوسف مطر أن كافة الخطط الأمنية وضعت موضع التنفيذ، مشددا على مواجهة ظاهرة الافتراش لتأمين راحة الحجاج بنشر نحو 11 ألف رجل أمن لتنظيم المشاة من بداية منى وحتى الوصول إلى منشأة الجمرات باستخدام السير في الاتجاه الواحد بعد أن أعيدت هيكلة منطقة الجمرات ووضعت الحواجز المائية لتسهم في تفتيت الكتل البشرية في ساحاتها. وأرجع مطر سبب وضع الحواجز المائية إلى التحكم فيها وقت الذروة، وهناك رصد دقيق للمنطقة ككل من خلال ألفي كاميرا رصد مرتبطة بمركز القيادة والسيطرة في الأمن العام. وسخرت وزارة الصحة نحو عشرة آلاف موظفة وموظف ما بين أطباء وفنيين وعشرات الآلاف من المعدات الطبية المتطورة لتأمين أفضل الخدمات الصحية لضيوف الرحمن. فيما جهز الدفاع المدني كوادره البشرية والآلية لتوفير السلامة للحجاج، حيث جرى تأمين عشر طائرات عمودية لتقديم العون والمساعدة في حالات الإخلاء وغيرها. في حين تولت وزارة التجارة توفير كافة المواد الغذائية لحجاج بيت الله الحرام من خلال المحلات التجارية والبسطات المنتشرة في أنحاء منى، بينما جندت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد أكثر من 1500 موظف، من بينهم ثمانمائة داعية ومائتا مترجم وعدد من المرشدين لتوعية الحجاج بأمور دينهم. من جهة أخرى، باشرت فرق الأمانة أمس تجهيز المشعر وتهيئة الخزانات الأرضية لاستيعاب سبعة آلاف متر مكعب من النفايات باستخدام مائتي صندوق كهربائي ضاغط للنفايات يجري تفريغها باستخدام السحابات، وجندت أمانة العاصمة 20 ألفا و500 شخص لتنفيذ مهامها في جميع المجالات. وفي مجال النظافة، سيكون العمل على مدار 24 ساعة في المناطق المزدحمة وذلك بنظام الورديات المتداخلة، كما تمت زيادة أعداد العمالة ليصبح أكثر من سبعة آلاف عامل مجهزين بحوالي 670 معدة في مكةالمكرمة، وجرى تخصيص فرق مركزية لمواجهة حالات الطوارئ كالأمطار أو الحرائق أو لدعم أية منطقة في حالة الحاجة. وفي مشعر منى تحديدا، خصص أكثر من ستة آلاف عامل وحوالي 620 معدة مختلفة وسيجري العمل على مدار 24 ساعة في أيام الذروة، ودعمها بمراقبين ومشرفين، وجرى دعمها بالمعدات اللازمة مثل الشفاطات والمكانس الآلية لتجميع النفايات من الجسر والبوبكات والقلابات والشيولات وغيرها، حيث سيتم تخزين النفايات المؤقت بعد كبسها بمشعر منى لمواجهة صعوبة حركة المعدات والاستفادة من الصناديق الضاغطة والمخازن الأرضية بأقصى درجة. وهيأت الأمانة 131 مخزنا أرضيا تستوعب في مجملها أكثر من 5200 طن من النفايات كما تم توفير ألف صندوق ضاغط للتخزين المؤقت للنفايات، وتستوعب هذه الصناديق والمخازن في مجملها ما يقارب 15 ألف طن من النفايات المضغوطة، أي حوالي 70 في المائة من كمية النفايات المنتجة. فيما أمنت الأمانة في المشاعر المقدسة 2229 بين محلات مؤقتة ومباسط موسمية ومخابز وغيرها، إضافة إلى مواقع الحلاقة بمشعر منى والبالغ عددها 1100 كرسي، ومتابعة جميع الأماكن والتأكد من استيفاء الاشتراطات الصحية ومصادرة المواد التالفة وإجراء التحاليل المخبرية لجميع العينات من المواد الغذائية. وكذلك تنظيم أعمال اللجان المشاركة مع الجهات الحكومية، مثل لجنة توزيع المباسط، لجنة الأسعار، لجنة تعقيم ناقلات المياه، لجنة المراقبة الميدانية للسعودة، لجنة المراقبة الغذائية. وبدت منى أمس خالية بعد أن غادرها الحجاج إلى مشعر عرفات، ولم يبق فيها سوى هدير آليات الرش والنظافة، فيما شرع رجال الأمن المتواجدون فيها في إعداد الخطط الأمنية لمواجهة تدفق الحجاج اليوم نحو مخيماتها.