تدور الآليات الضخمة لإنجاز مشروع جسر الجمرات في مشعر منى، وتشق الطرقات لرفع الطاقة الاستيعابية في عرفات، وتستكمل المساحات في مزدلفة. كل ذلك من أجل راحة ثلاثة ملايين من البشر سيقيمون في المشاعر المقدسة، ساعات تتجاوز ال120 بدقائق قليلة. إنها رحلة زمانية ومكانية جديرة بالترقب. تحولت المشاعر المقدسة إلى ورشة عمل تسابق الزمن للوصول إلى أقصى درجات الكمال لراحة ضيوفها القادمين من أنحاء العالم من خلال عمل أكثر من 30 ألف شخص في تنفيذ المشاريع القائمة. وفي منى يجري الآن تجهيز المخيمات التي تعتبر أحد النماذج الناجحة لضمان راحة الحجاج في المشعر الذي حاز على جائزة أفضل مدينة حضارية في العالم. وهي المكان الأطول إقامة من قبل الحجيج جراء احتضان المشعر للجمرات ذلك المشروع العملاق الذي سكنته أرتال من الآليات العملاقة يتجاوز عددها 500 آلية تعمل على إنجاز المشاريع. أما مشعر عرفات «مدينة اليوم الواحد» فستسهم المشاريع التطويرية للبنية التحتية الجاري تنفيذها لهذا العام في رفع طاقته الاستيعابية بنسبة 25 في المائة من إجمالي مساحتها الحالية البالغة 10.4 كم مربع بما يستوعب نحو 500 ألف حاج إضافي، حيث إن المشاريع الجاري تنفيذها في عرفات تشمل تصريف السيول، وتنظيم وترتيب المشعر، وسيتم إنجاز 60 في المائة منها قبل دخول حج هذا العام، وتستكمل المراحل المتبقية العام المقبل حيث إن المشروع الجاري تنفيذه يوفر مساحة إضافية توازي ربع المساحة الحالية للمشعر البالغة 1795 هكتارا، ناتجة عن مشاريع القطع الصخري وتهذيب الأشجار وإعادة تخطيط الأراضي وتقسيمها إلى مربعات حضرية، ويهدف المشروع إلى القضاء على العشوائية في المشعر ومنع الافتراش. أما مدينة الست ساعات التي تحتضن ثلاثة ملايين حاج للمبيت فيها ومغادرتها فجر عيد الأضحى مشعر مزدلفة، فما يحدث فيها يزيد من تسهيل عملية التنقل مرورا بها إلى مشعري عرفات ومنى. المشاعر المقدسة هذه الأيام تكتظ بالعمال من عدة جنسيات لتجهيز الخدمات لضيوف الرحمن بسرعة ودقة فكل عامل في المشاعر المقدسة البالغة مساحتها 33كم2 يسعى إلى إنهاء المهام المنوطة به في مدة لا تزيد على الشهر. حينها سيقضي قرابة ثلاثة ملايين من الحجيج 120 ساعة في مناطق محدودة المساحة، ولذلك شكلت فرق من أمانة العاصمة المقدسة من أجل تهيئة الشوارع والأماكن التي سيقصدها الحجيج وهي الفرق التي ستواصل عملها بعد مغادرتها الحشود البشرية لإبقاء المشاعر نظيفة وخالية من عوامل التلوث البيئي. وفي ذلك يؤكد أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة فضل البار أن استعدادات الأمانة اكتملت «حيث تم تخصيص أكثر من 6000 عامل وحوالى 620 معدة مختلفة في المشاعر المقدسة وسيكون العمل على مدار 24 ساعة في أيام الذروة ودعمت الفرق بمراقبين ومشرفين إلى جانب المعدات اللازمة مثل الشفاطات والمكانس الآلية لتجميع النفايات من الجسر وشاحنات التنظيف وستخزن النفايات بشكل مؤقت بعد كبسها بمشعر منى لمواجهة صعوبة حركة المعدات والاستفادة من الصناديق الضاغطة والمخازن الأرضية بأقصى درجة حيث هيأت الأمانة ما يقارب (131) مخزن أرضي و (900) صندوق ضاغط للتخزين المؤقت للنفايات، وهي تستوعب ما يقارب (15000) طن من النفايات المضغوطة أي حوالى 70 في المائة من كمية النفايات المنتجة». وأوضح أمين العاصمة المقدسة أن الخطة تضمنت «تكثيف الأعمال في مجال صحة البيئة وتكثيف أعمال مراقبة الأسواق ومحلات بيع المواد الغذائية ومتابعة مواقع الحلاقة بمشعر منى البالغ عددها 1100 كرسي بالإضافة الى مصادرة المواد التالفة وإجراء التحاليل المخبرية لجميع العينات من المواد الغذائية، بالإضافة إلى تنظيم أعمال اللجان المشاركة مع الجهات الحكومية مثل لجنة توزيع المباسط ولجنة الأسعار ولجنة تعقيم ناقلات المياه ولجنة المراقبة الميدانية للسعودة ولجنة المراقبة الغذائية ومتابعة تشغيل المرافق البلدية المختلفة في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة مثل دورات المياه والأنفاق والجسور وشبكات تصريف السيول ومتابعة المقاولين المكلفين بتشغيلها لضمان تقديم الخدمات على أعلى مستوى مع متابعة شبكات الإنارة وإجراء عمليات صيانة الشوارع والطرق وشبكات تصريف السيول أولا بأول». وعن تخليص المشاعر من بقايا الأضاحي أبان الدكتور أسامة البار «قمنا بإعداد خطة متكاملة لتنظيم مراقبة دخول الماشية وعدم تسربها إلى المشاعر المقدسة ووضعنا (57) مركزا للمراقبة في أماكن مختلفة وسيتم تكثيف الجولات الميدانية والرقابة البيطرية للكشف عن أي حالات وبائية بين الحيوانات ولضمان سلامة اللحوم المقدمة للحجاج، الإشراف على وحدات الذبح في المشاعر المقدسة ومتابعة المقاول في عملية صيانتها وتبلغ الطاقة الاستيعابية لتلك الوحدات نصف مليون رأس من المواشي، وشملت الخطة أيضا عملية دعم البلديات الفرعية في مجالات النظافة وصحة البيئة ومتابعة الأسواق والمحلات التجارية لضمان استمرارية العمل على أكمل وجه». وأضاف الدكتور أسامة أن العمل البيئي يجري على «تخصيص وحدة للطوارئ وفرق للمساندة مزودة بالأفراد والمعدات لمواجهة الحالات الطارئة كالحريق والانهيارات والأمطار وذلك بالتنسيق مع كافة الجهات ذات العلاقة من خلال ضباط الاتصال بالأمانة». وأشار أمين العاصمة المقدسة إلى أن «الزيادة في الطاقة الاستيعابية لمشعر عرفات تأتي نتيجة تنظيم المربعات وتنظيم استخدامات الأراضي وأماكن التخييم، وإعادة تخطيط الممرات وترصفيها، وقص الأشجار وتهذيبها، وتخصيص ممرات للطوارئ، والحماية من مخاطر السيول وإعادة تأهيل مشعر عرفات بكامل محتواه بما يقضي على المعاناة السنوية لتنظيف عرفات قبل دخول الحج التي تستمر لأكثر من شهر ونصف الشهر، حيث يبدأ عمال النظافة العمل في مشعر عرفات لقص الحشائش بداية شوال مباشرة، ويستمر العمل حتى دخول الموسم».