أكد مدير الإدارة العامة للأدلة الجنائية في الأمن العام العميد عقيل بن محمد العقيل، أن الأدلة الجنائية تعتمد أسلوب الربط الإليكتروني بين 42 مركزا على مستوى المملكة، بحيث يتم تناقل بياناتها خلال ثوان. وقال العقيل في حديث خص به «عكاظ» من مكتبه في العاصمة المقدسة الذي يشرف منه على تفعيل خطة الإدارة الأمنية في موسم حج هذا العام، إن عمل الأدلة الجنائية تطور إلى نتائج فحص النفي القاطع أو الإثبات القاطع مع استخدامات التقنية الحديثة القادرة على مساعدة جهات التحقيق في الوصول إلى منابع الجريمة. ولفت العميد العقيل إلى أن الأدلة الجنائية في المملكة تطورت كثيرا منذ تأسيسها في عام 1376ه، لتحقق المملكة المرتبة الخامسة على مستوى العالم في تطبيق تقنية الحمض النووي DNA في الحوادث الجنائية، إذ حصلت المملكة على الرخصة الدولية في هذا الجانب. وحول مهام الأدلة الجنائية يشير العميد العقيل إلى أنها تعتبر إحدى ركائز «المثلث العدلي»، إذ تطورت الأدلة الجنائية في المملكة بشكل كبير، ويمكن القول إن الأدلة الجنائية هي المرجعية الدقيقة للجهات الأمنية في كشف غموض الجرائم. ويزيد: بأن التطور الملحوظ في هذا الجهاز الأمني المهم جاء نتيجة حتمية للدعم الكبير من ولاة الأمر، خصوصا المسؤولين في وزارة الداخلية وعلى رأسهم النائب الثاني وزير الداخلية ومساعده للشؤون الأمنية، حيث دعمت الأدلة الجنائية بميزانيات ضخمة لتجهيزها بأحدث الأجهزة التقنية التي استقطبت من دول متقدمة في هذا المجال مثل روسيا واليابان وألمانيا وكندا وبريطانيا، مضيفا أن إدارة الأدلة الجنائية تعمل على برامج الربط الإليكتروني من خلال نظام المقارنة البصرية التي يمكن من خلالها ضبط جميع منافذ المملكة البرية والبحرية والجوية من خلال تبادل المعلومات للقادمين إلى المملكة والتي تتم في غضون ثلاث دقائق فقط. ويشدد العميد العقيل على أهمية العمل على تطوير الأفراد والضباط من خلال دورات تدريبية خارجية محلية، حيث يتمرس نحو 45 ضابطا أمنيا حاليا في دورات متقدمة في الأمن الجنائي خارج المملكة، مشيرا إلى أن مهمة العاملين في الأدلة الجنائية عبر 45 موقعا لهم في المشاعر المقدسة تنحصر في تنفيذ الخطط وملاحقة أحداث أية جريمة قد تقع، إذ يوجد 350 ضابطا وفردا، بالإضافة إلى 120 آخرين في المقر الرئيسي وفريق نسائي متخصص ومؤهل يعمل على مدار الساعة في الأدلة الجنائية. وطالب مدير الأدلة الجنائية في الأمن العام المواطن والمقيم على حد سواء، بعدم العبث بآثار مسرح الجريمة، نظرا لأهميته الحيوية في كشف ملابسات الجرائم وليدرك الجميع أن الأدلة الجنائية تعمل من أجل إرساء العدل بين الناس. «عكاظ» جالت على المختبرات العلمية في مبنى الأدلة الجنائية في العاصمة المقدسة الذي يحتفظ بأول صحيفة جنائية سجلت رسميا، برفقة مدير الأدلة الجنائية في العاصمة المقدسة العقيد عبدالله بن محمد القرني. ويصف العقيد القرني التجهيزات الحديثة التي تميز مبنى الأدلة الجنائية بأنها مذهلة وتدخل أولى تجاربها في موسم الحج هذا العام. ويشرح العقيد القرني محتويات قسم تحليل البصمات، إذ يعمل فيه أفراد يمتازون بحدة النظر والتدقيق ويعملون على وتيرة واحدة في التركيز والتفكير، فالمجرم لا بد أن يترك آثاره في كل مكان دون أن يدري، حيث يعمل جهاز (سوبر جلو) في إظهار البصمة على العينة الورقية أو الآلة الحادة أو العلب عبر وضع العينات بداخله وتعريضها لدرجة حرارة معينة ينتج عنها إظهار البصمات وتسجيلها، وبالنسبة للورقيات يتم مزجها بمادتي (الأسيتون) و(الناين هيدرين) وتجفيفها . ولأن مسرح الجريمة عند كل رجال الأمن هو خزينة القرائن والدلائل -كما يقول العقيد القرني-، فإنه المكان الذي طرقه الجاني ومارس فيه خطوات جريمته ويشمل كذلك الأماكن الملحقة كمكان الإعداد للجريمة وأماكن الانتقال ووسائل وطرق الهروب والوصول وأماكن إخفاء الأدلة، وجميعها تعتبر ملكا خاصا يقع ضمن اختصاص مسرح الجريمة يباشره المختصون لجمع أدق التفاصيل التي يمكن أن تقود إلى معلومة بعد تحليلها ومعاينتها للطرف المتهم أو مرتكب الجريمة. وخلف جهاز «شفط الغازات» يجلس العريف علي عبد الرحمن الزهراني منهمكا في كشف ملابسات سرقة مجوهرات من أحد محال الذهب في مكةالمكرمة، حيث شرع في عمله الأمني الدقيق القائم على فحص بصمات آثار مسرح الجريمة بعد أن أدخلها في ذلك الجهاز المخصص لفحص العينات، ولم يدم به الوقت طويلا حتى تجلت بصمات الجاني جلية على تلك الأسطح البلاستيكية التي التقطت من مسرح الجريمة، لتحال البصمات إلى مركز الحاسب الآلي وهو المركز المرتبط بمركز المعلومات الوطني، حيث تسلم العريف سامي الحربي مهام متابعة القضية من خلال مطابقة البصمات مع بصمات أخرى وإرسالها إلى الجهات المعنية للتأكد ومن ثم كشف الجريمة وفاعليها خلال دقائق. ولأهمية ضبط سلاح الجريمة في بناء ركن القضية، فإن أفراد قسم الأسلحة -كما أشار الضابط المختص في ذلك الرائد سعد بن علي اللحياني- يفحصون الأسلحة المستخدمة في الجرائم للتأكد منها، مشيرا إلى جهاز الإطلاق الذي يجربون من خلاله الأسلحة المضبوطة في مسرح الجريمة أو تحال إليهم، حيث يستطيع جهاز (بروجكتينا) تحديد ما إذا كان السلاح استخدم في جرائم سابقة أم لا. ولفت إلى أن لكل سلاح بصمة خاصة به تميزه عن غيره؛ أبرز سماتها الإبرة ووجه الترباس والقذاف. وفي مجال محوري في سير القضايا الجنائية خصص مختبر الفحوص الوراثية أحد أهم الأقسام الدقيقة، فهو يحدد شخصية المتهم أو الذي تدور حوله الشكوك من خلال تحليل السمة الوراثية. حيث يجلس عدد من الكفاءات الوطنية في ذلك المختبر يستقبلون محرزات القضايا بعد جمعها من مسرح الجريمة، وفحصها بواسطة أجهزة تقنية عالية لتحديد شخصية الشخص المطلوب من خلال ال DNA الذي يكشف عن 15 سمة وراثية، إضافة إلى جنس صاحب أو صاحبة العينة. النقيب بندر ردة الهذلي (أحد الضباط الحاصلين على بكالوريس في العلوم الطبية) شرح لنا دور مختبر الكيمياء في الإدارة بقوله: يختص بفحص المواد المتفجرة التي يعثر عليها في مسرح الجريمة، إضافة إلى فحص العينات بواسطة جهاز الأشعة تحت الحمراء الذي يتم استخدامه لكشف السموم المعدنية والكيميائية والمخدرات، وجهاز الامتصاص الذري الخاص بإجراء الفحوص على المخلفات النارية والطلقات.