«لو يرن الهاتف في هذه اللحظة، لناديت أي صوت يطالعني: (ياحبيبي)، فأنا وحيدة هذا المساء ومسكونة بارتجاف الشوق، وأنا وحيدة وأعرف أن العمر لا يتسع لصعوبة اختياراتي، وأنا وحيدة، وأتدفق حبا على غير هدى، وأي إنسان يهمس الآن (مساء الخير) أناديه (حبيبي) مساء الحب، الحب هو أنا، هو رغبتي في أن أمنح! أما الطرف الآخر الملقب بالحبيب، فأسطورة أسبغ عليها عباءة الحب التي أغزلها أنا، أنا، أنا». غادة السمان في هذه العبارة تصور الحب شعوراً ينبع من الذات في داخل الإنسان ولا صلة له بالآخر خارج الذات، تتدفق في دواخلنا مشاعر الحب دون أن ندري فنندفع لمنح حبنا لأي أحد يصادفنا، فالحب هنا ليس مرتبطا بأحد بعينه! الحب، حسب كلام غادة يظهر لا صلة له بالمحبوب، منفصل عنه، غير متأثر به، هو حالة نفسية يعيشها المحب وتفيض أثناءها مشاعره بالمحبة فيغرق بها من يكون قربه، أي أحد، بلا اختيار أو انتقاء أو سبب. ووفقا لتصوير غادة لحالة الحب هذه، فإن الإنسان يكون في بعض الأوقات أسيراً واقعا في قبضة حالة استعداد للحب، مهيأ لأن يمنح عاطفته لأي أحد بلا شروط ولا انتقاء، من يأتي في أوج تلك اللحظة يكون هو المحبوب، وفي ظني أن هذا الكلام فيه مجافاة لمعنى الحب الحقيقي، فالحب لا يتولد في القلب فجأة وإنما هو ينبت في القلب بالتدريج، ويظل يزداد نموا مع الأيام بفعل تأثير غامض للآخر على نفوسنا، وليس كما تقول غادة لمجرد أننا نعيش لحظة استعداد للحب. إلا أني مع ذلك، قد أفهم ما تعنيه غادة، ففي بعض اللحظات حين يعز الحب في حياة الإنسان وتطوق حياته الوحدة فتخلو من منبع حنان يسقيه، أو لمسة دفء تمده بالأمن والرضا، أو همسة ناعمة تبعث فيه الشعور بأنه مهم ومرغوب، يعتريه شعور بالجفاف العاطفي ويصير متعطشا إلى دفقة حب تروي ظمأ عواطفه الذابلة، لذلك قد يندفع كما تقول غادة، إلى منح حبه لأول قادم بحثا عن ذلك الإشباع المفقود لكنه ما إن يرتوي حتى ينقشع عنه ذلك الشعور الزائف بالحب. كلام غادة ينافي ما قال به إمام المحبين ابن حزم، فهو يقول «وإني لأطيل العجب من كل من يدعي أنه يحب من نظرة واحدة، ولا أكاد أصدق، ولا أجعل حبه إلا ضربا من الشهوة، وإما أن يكون في ظني متمكنا من صميم الفؤاد نافذاً في حجاب القلب فما أقدر ذلك». فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة